شك عراقي وآخر فرنسي

آراء 2020/09/24
...

  نوزاد حسن 
 
 
من خلال متابعتي للأحداث السياسية، والحوارات التي تبثها عشرات الفضائيات اصل دائما الى نتيجة واحدة، هي ان هناك وضعا سياسيا لا بدَّ من تصحيحه. لكني في واقع الحال لن اصل ما يمكن تسميته بالعدمية السياسية حين احكم على وجود الدولة كلها بأنه فاسد، وبان الفساد ابتلع كل شيء، وسيهوي بنا الى نهايات مجهولة ان لم تتدارك القوى السياسية، والشرفاء من هذا الشعب الوضع لانقاذ البلد.
أكره الاحكام المطلقة التي تدين الجميع، وكأن وليمة الفساد صارت قانونا عاما للعمل في هذه الدولة. لذا انا اتساءل دوما عن معنى السلطة كتعريف، وما هو السر الغامض الذي يجعلها لذيذة الى هذا الحد بحيث تسحق تواريخ كاملة تحت ثقلها اللامرئي.
 أحيانا أقول إننا نشبه الشعب الفرنسي شبها كبيرا. فهذا الشعب يشك في كل شيء. كما ان الفرنسي ينتخب حكومته ثم يشتمها. ولعل تظاهرات السترات الصفر، وما فعلته في باريس كان حديث العالم.
ومع ذلك فان الفرنسي يؤمن بأن قوى الاصلاح مثلا تعمل لمصلحة فرنسا في نهاية المطاف.
لكن كيف نفهم من يقول إن فلانا نزيه ثم نتساءل وكأننا نريد ان ندينه لكن قولوا لنا ماذا قدم؟.
اذاً نحن امام وجهة نظر تكاد تكون عامة تجزم بأن الوضع يسير لمصلحة المنتفعين، اما أن نقول بأن هناك نسبة تعمل بلا مصلحة، وتبتعد عن شبهات الفساد، فمثل هذا القول يعد نوعا من تجميل وجه السلطة ولهذا لا مبرر لقوله.
 من المؤسف ان ليس من حد يفصل بين الفاسد والنزيه. وحين يتعرض مواطن في دائرة ما الى دفع رشوة لموظف، فهنا يقوم هذا المواطن بشتم الجميع. واطلاق تهمة العدمية على الكل دون استثناء.
اظن أننا تجاوزنا شك الفرنسيين بمراحل كبيرة. وهذا لأن الواقع السياسي وما دار حوله من كلام عن الفساد على لسان من هم في الحكومة جعل الكثيرين يقتنعون قناعة تامة بلعبة الصاق هذه التهمة بالجميع دون استثناء. وعلى هذا الاساس لن يكون اصلاح حقيقي دون ان تكون خطوات حقيقية في معاقبة الفاسدين، كي نكون في وضع افضل يخرجنا من شك عدمي مقلق لنا.