آية مازن الصوفي
بعد أنْ أعلنت خلية الأزمة العراقية حظرا شاملا للتجوال للحد من تفشي فيروس كورونا وقرارات من السلطات العليا تنص على توقف النشاطات العلمية والعملية والأدبية في شوارع البلاد وإخضاع الجميع إلى تعليمات للحد من انتشار فيروس كورونا، قررت مجموعة من الأدباء والمثقفين والناشطين في نينوى تجاوز تلك القرارت بمرونة، اذ قاموا بمزاولة حياتهم وإنشاء لقاءات علمية وأدبية وثقافية بطريقة مبتكرة ولاتخرج عن اطار التعليمات المنصوص عليها.
ويعد اتحاد الأدباء والكتاب في نينوى برئاسة الشاعر عبدالمنعم الأمير أول من كسر هذا الحظر، حينما بدأ بتفعيل صفحة الكترونية على الفيس بوك لبث جلسات ثقافية مباشرة لمجموعة من الشعراء من داخل العراق وخارجه، ومن الشعراء الذين شاركوا هذا الكسر من خارج العراق الشاعر عدنان الصائغ، والشاعرة عبير سليمان، والشاعرة هندة محمد وغيرهم.
قراءات شعريَّة
ومن أبرز الشعراء الذين كانوا رواداً لجلسة قراءة الشعر من محافظة نينوى الشاعرة د.هناء أحمد، الشاعر فهد أسعد، الشاعر سعد محمد. وغيرهم كثر، وهناك شعراء استخدموا صفحتهم الشخصية للقيام بقراءات شعرية والإجابة على الأسئلة النقدية والموضوعية أمثال الشاعر د.جاسم محمد جاسم العجة.
وخلال اعداد هذا التقرير كانت لنا وقفة مع مجموعة من الادباء التي اسهمت في الانشطة الثقافية، فالشاعرة د.هناء أحمد عبرت عن رأيها بهذا الصدد حول البث المباشر للقراءات الشعرية فقالت:
(نحن مزاجيون جداً نوافق تارة على القراءة ونرفض تارة على حسب تقلبات الطقس، لا نستطيع أن ننكر أن القراءة خلف الشاشة تساعدنا على مشاهدة العالم ونحن في غرفنا والجمهور يكون متنوعاً؛ لكن انقطاع الإنترنت أثناء البث يفسد من مزاج القارئ والمتلقي. في النهاية أنا مع الاختيارات الجيدة، سواء إن كانت القراءات خلف الشاشة او وجهاً لوجه أمام المتلقي. وإذا حدثت جلسات وجهاً لوجه، يفضل أن يرفق معها البث المباشر).
الصالون الثقافي
أما أ.د خليل شكري هياس رئيس قسم اللغة العربية في كلية التربية جامعة الحمدانية في قضاء الحمدانية، كان له رأي متفرد وأكثر شمولية حيث طرحنا عليه العديد من الأسئلة وكان جوابه كافياً لمعرفة أهم المجريات الأدبية والعلمية وأهم التيارات التي واجهتها
كليتهم:
* ما هي أهم الفعاليات التي قام بها المنتدى الثقافي في الحمدانية خلال فترة الحجر الصحي؟
- من أهم الفعاليات التي قام بها الصالون الثقافي للجامعة هي ندوة السرديات للمغترب العراقي في استراليا القاص والروائي هيثم بهنام بردى في
14/ 5/ 2020 وقد شاركت فيها نخبة من النقاد الأكاديميين. وندوة مهمة عن الواقع النقدي الانطباعي والأكاديمي، والتي استضفنا بها الناقد المعروف علي الفواز نائب الامين العام لاتحاد الادباء والكتاب العراقيين ورئيس تحرير جريدة الصباح، اذ تحدث الفواز عن المشهد الثقافي والنقدي بطريقة رائعة لفتت انتباه جميع المتابعين الذين تجاوز عددهم السبعين، والندوتان كانتا الكترونياً عبر برنامج زووم.
* ما هي أهم الأهداف والنتائج المحققة من الناشطين، وماذا أضافا على الشارع الثقافي سواء إن كان على الصعيد الداخلي أو الخارجي؟
- من أهم الأهداف المحققة من الناشطين هو كسر حاجز العزل المنزلي على إثر تفشي جائحة كورونا الذي إنسحب على تعطيل كل الفعاليات، فكان الصالون بمثابة مد الجسور ثانية بين الجامعة وبين المجتمع بمختلف مؤسساتها من جهة وبين الجامعة وبين المثقفين من جهة اخرى. فكان للناشطين وقع كبير ومساهم في إعادة اواصر التواصل الخلاق بين شريحة كبيرة من الأكاديميين والمثقفين العراقيين والعرب تجاوزت المئتين مشارك، فضلاً عن أنها أثارت الكثير من الحوارات والمناقشات والتساؤلات أثناء الجلستين وبلورت الكثير من القرارات بشأن الموضوعين المطروحين(سرديات هيثم بردى الأولى، والنقد بين الانطباعية والصرامة الأكاديمية، في الثانية).
النظام الالكتروني
* برأيكم ما الفرق في التواصل المباشر والتواصل الالكتروني؟
- لا شك أن تحولات الكبرى في المجتمع تحتاج لوقت كبير للانسجام مع الواقع الجديد، الذي يفرضه التحول، في الوقت نفسه فإن التحول الكبير يجبرك على التماشي والتكيف مع متطلبات هذا التحول وهذا ما حدث بالضبط معنا، إذ لم يكن من السهل التعاطي مع هذا التحول الكبير، الذي فرضته علينا هذه الجائحة التي اجبرتنا على تبني النظام المعرفي الإلكتروني بعد أن كنا منخرطين جداً في النظام المعرفي المسلكي، الذي وددنا عليه أباؤنا وشتان ما بين الاثنين، لا أخفيكم أن هذا النظام فتح أعيننا على عالم مفيد جداً، نتغاضى عنه سابقاً مع معرفتنا بوجوده وتطبيقه في العالم العربي، ولعل فائدته الوحيدة من هذا الوباء كان الدخول إلى هذا العالم مع التنويه على المنزلقة ومخاطره، وإن لم يحسن التعامل معه، وأنا أرى شخصياً أننا مقبلون على عملية تلاقح والتزاوج بين العالمين بعد زوال هذا الوباء نبقى فيها على الثوابت المهمة في النظام السابق ونأخذ بالمسببات التطور التي تحتويها المعرفة الإلكترونية
الجديدة.لم يقتصر على هذا فقط بل شهدت القراءة إقبالاً كسر أفق التوقع، حيث بدأ العديد من الشباب بالتردد إلى القراءة في مختلف المجالات الأدبية والعلمية والنفسية والتاريخية وحتى الإسلامية ولم تقتصر فقط القراءة الورقية، بل اتجهوا إلى القراءة الإلكترونية، حيث شهدت تحميلات المكتبات الإلكترونية إقبالاً في تحميل الكتب في مختلف المجالات.
وبعد هذه المتابعة السريعة للانشطة الثقافية في محافظة نينوى نقول إن الادباء والكتاب في نينوى لعبوا دوراً بارزاً في تحريك المشهد الثقافي، على الرغم من صعوبة الموقف، فدخل الاتحاد الى بيوت الجميع (اتحادك في بيتك) هذا الشعار الذي اطلقه اتحاد الادباء والكتاب العراقيين/ المركز العام واصبح بمثابة صرخة مدوية وقفت بوجه كل الصعوبات.