حميد طارش (*)
يقصد بالأمن القانوني استقرار العلاقات القانونية والمراكز القانونية وحماية الحقوق المكتسبة للافراد، والذي من شأنه أن يؤثر في الاستقرار النفسي للافراد ويمتد تأثيره إلى استقرار العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وجميع المجالات الاخرى التي تكون محلا للتنظيم التشريعي
لها.
ويقتضي مبدأ الامن القانوني أن يكون تشريع القاعدة القانونية بلغة واضحة بعيدة عن التأويل والا تكون عرضة للتعديل ولمرات عديدة وبأوقات متقاربة وهذا ما يمكن تلمسه بسهولة في الواقع التشريعي العراقي، وهذا لا يعني عدم تعديل القانون مطلقا، بل بالعكس من ذلك، كونه يلبي حاجات متطورة وقابلة للتغيير لكن يجب ان يكون التعديل متناسبا مع تطور هذه الحاجات وفي حدود الفترات الزمنية المطلوبة لذلك التطور التي غالبا ما تكون متباعدة.
كما يعد عنصر التوقع من العناصر الاساسية والحديثة لمفهوم الامن القانوني باعتباره ضمانة مهمة لعلاقات الافراد القانونية وحقوقهم المكتسبة، ويقصد بالتوقع عدم قيام المشرع بمفاجأة الافراد بخلاف توقعاتهم المشروعة لمجرى الامور، على سبيل المثال وليس الحصر، قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم(9) لسنة 2014 الذي فاجأ شريحة واسعة من موظفي الدولة وأربك حياتهم الوظيفية والاجتماعية وجعلهم خارج الوظيفة وبدون تخطيط مسبق لحياتهم الجديدة، نعم مسألة خلق درجات وظيفية للشباب هي مهمة لكن يجب الا تكون بهذا الشكل المربك مما دفع المشرعين الى الاعلان مجدداً عن مشروع تعديل التعديل! بل والتصريح عن انتهاك آخر للامن القانوني، من جهة الشباب، وذلك في محاولة اعادة المتقاعدين الى الخدمة مجددا...! وهنا فقد العنصر المهم المتعلق بالثقة المشروعة، أي يجب ان يحافظ المشرع على ثقة الافراد بعمله التشريعي بعدم اصدار تشريع لا يتلاءم مع حاجاتهم المشروعة وتوقعاتهم بما سيصدر
بشأنها.
(*) باحث قانوني