الإشراف الأممي ودوره في مراقبة الانتخابات

آراء 2020/09/29
...

  د.مصطفی الناجي
 
تتصاعد المطالبات من قبل العديد من النخب والأحزاب والمتظاهرين وغيرهم بضرورة اشراف الامم المتحدة والمنظمات الدولية على الانتخابات البرلمانية المقبلة ظنا منهم أن تواجد الإشراف الأممي، سيمنع تزوير نتائج الانتخابات، ولكن الحقيقة شيء آخر .
 فقد اشتركت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية سابقا في الرقابة على جميع العمليات الانتخابية السابقة بعد العام 2004 (انتخابات الجمعية الوطنية 2005)، (الاستفتاء على الدستور 2005 )، انتخابات مجلس النواب للدورات الأربع، انتخابات مجالس المحافظات 2009، 2013، انتخابات اقليم
كردستان. وهذا مثبت بالأرقام لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات/ دائرة الاتصال الجماهيري المسؤولة عن تسجيل المنظمات الدولية والمحلية الراغبة في الرقابة على الانتخابات . فعلى سبيل المثال: في انتخابات الجمعية الوطنية 2005 بلغ عدد المراقبين (488 .95) مراقبا من بينهم (622) مراقبا دوليا. اما في عملية الاستفتاء على الدستور 2005، فقد سجلت المفوضية (170.532) مراقباً، بواقع (52.367) مراقباً محلياً، و(117.479 ) وكيل كيان سياسي، و (686) مراقباً دولياً. في انتخابات مجلس النواب التي اجريت في 15 كانون الاول عام 2005، اعتمدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات (399.750) مراقبا محليا
 ودوليا. 
اذ سجلت (272.295) وكيل كيان سياسي، و (126.125) مراقبا محليا، و (1330 ) مراقبا دوليا يمثلون (30 ) دولة في العالم، اضافة الى(12 ) مراقبا يمثلون البعثة الدولية للانتخابات، و(381 ) مراقبا للتصويت في الخارج . وفي انتخابات مجلس النواب 2010 اعلنت مفوضية الانتخابات اعتماد نحو نصف مليون مراقب محلي ودولي بواقع (393.661 ) كياناً سياسياً يمثلون (550) كياناً سياسياً، و(99.469) مراقباً دولياً يمثلون (35) منظمة دولية من بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
الملاحظة المهمة في هذا الجانب ان كل تلك الآلاف من المراقبين المحليين والدوليين من منظمات ومراكز وسفارات وبعثات لم تمنع التلاعب على مستوى التصويت وعلى مستوى الفرز، وعلى مستوى توزيع المقاعد!! والسبب الرئيس يكمن في الآتي: إن اشتراك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة بالشأن الانتخابي يختصر في ضمان توافر المعايير الدولية في القانون والنظام الانتخابيين، ومدى التزام الدولة بالمعايير الديمقراطية من خلال مدى صحة الانتخابات ومشروعيتها دون المساس بالسيادة الداخلية للدولة، باختصار هي عملية ضمان توافر الشروط الدنيا التي يعتبرها المجتمع الدولي ضرورية لاجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس التعددية الحزبية والاقتراع العام السري المباشر وضمان توافر فرص متكافئة لجميع المصوتين والمرشحين في
 الانتخابات. بعبارة اخرى، فالاشراف الأممي لا يتدخل في تفاصيل العملية الانتخابية، و يراقب ميدانيا عملية إدلاء الناخبين باصواتهم، ولا يتواجد في محطات ومراكز الاقتراع جميعها، وجل ما يقدمه الاشراف على الانتخابات وتقديم تقرير (وصفيا) للعملية الانتخابية، وتأشير ملاحظات على سيرها، لذلك فالمراهنة على الاشراف الأممي تبدو عملية غير مدروسة ويكتنفها الكثير من المخاطرة في حال التعويل عليها بشكل كامل. والحل في ضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة (قدر تعلق الامر بالر قابة ) يكمن في الخطوات الاتية: 
1 - تعديل قانون الأحزاب بشكل يضمن تمويل يخضع لرقابة هيئة مستقلة صارمة.
2 - الاعتماد على اشراك المنظمات المحلية والدولية بدورات رقابية مكثفة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
3 - اعتماد اولوية للمنظمات غير الحكومية المستقلة لمراقبة الانتخابات ودعمها ماليا وفنيا تحت اشراف المفوضية.
4 - وضع شروط في بند العقوبات في قانون الانتخابات يقضي بمعاقبة المرشح والكيان الذي ينتمي له بالحبس والغرامة وشطب اصواته من قائمة التصويت، وحرمانه من الترشح لدورة انتخابية ثانية في حال ثبوت عملية
 التزوير.