أحمد حسين
لا جدال على أنَّ دول العالم وليس العراق فقط تقف عاجزة أمام تفشي وباء فيروس "كورونا" وتداعياته التي طالت جميع الأصعدة، الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية
وغيرها.
لكن في الوقت نفسه لا جدال أيضاً على أن هذه التداعيات ألقت بظلال ثقيلة جداً على العراقيين، كونها تزامنت مع هبوط أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.
بالإضافة إلى الإرباك السياسي الذي صنعته انتفاضة تشرين.
والأهم من كل ذلك هو ان الجهات المعنية بمواجهة وباء كورونا والمتضررة منه لم تكن على استعداد لمواجهة هكذا ظرف طارئ وطوال هذه الأشهر لم تضع خططاً بديلة أو حلولاً تسهم بتخفيف ما ترتب من مشكلات خلقها هذا الفيروس القاتل.
وبعض هذه الجهات لجأت لحلول بدت وكأنها الخطة البديلة الأنجع، إلا أنها في الحقيقة لم تعالج الأمر، بل خلقت مشكلة أو على أقل تقدير لم تنسق مع جهات أخرى لإنجاح
خطتها.
ما قامت به وزارة التربية بشأن العام الدراسي الجديد من اعتماد الدراسة عن بعد، أو الدراسة "أون لاين"، خطوة جيدة لحماية أبنائنا وبناتنا من خطر فيروس
كورونا.
لكنها للأسف لم تلتفت إلى أربع عقبات ستوئد هذه التجربة لحظة ولادتها.
أولى هذه العقبات ان خدمة الانترنت في العراق سيئة جداً وبطبيعة الحال الدراسة عن بعد تتطلب خدمة انترنت جيدة جداً وليس جيدة فقط، كونها بثا مباشرا بالصوت
والصورة.
أما العقبة الثانية فهي ان الدراسة عن بعد لا تتم عن طريق أجهزة الهاتف، بل تحتاج إلى جهاز كمبيوتر أو جهاز لوحي (آيباد) على أقل تقدير، لكي يتمكن التلميذ من متابعة الدرس بوضوح.
والعقبة الثالثة التي تبين أن المسؤولين في وزارة التربية يجهلون واقع مجتمعهم ولا يعرفون أن هناك الكثير من الاسر ليست لديها الإمكانية المادية لشراء جهاز كمبيوتر أو آيباد لأطفالها.
وحتى إذا سلمنا جدلاً بأن الدراسة عن بعد يمكن أن تنجح عبر جهاز الهاتف، فهناك اسر كثيرة لا يمتلك واحد من أفرادها جهاز هاتف
ذكي.
وآخر العقبات هم التلاميذ الجدد، فكيف سيتمكن المدرس أو المدرسة من تعليم تلميذ في الصف الأول الابتدائي الكتابة عن بعد؟.