سلام مكي
لعل القوى السياسية، تدرك جيدا أنه لا توجد فرصة أكبر من الفرصة المتاحة اليوم، لإقرار أهم قانون وهو قانون المحكمة الاتحادية، خصوصا أن القانون الحالي، الذي لا يستند في وجوده للدستور وإنما لتشريع ملغي، لم تنجح الكتل السياسية طوال الـ 15 عاما الماضية في إقراره رغم أهميته ودوره الكبير في ضمان سير العمل في المؤسسات العامة للدولة وضمان عدم الانحراف التشريعي. واليوم، ونتيجة لوجود خلل في نصاب المحكمة، بعد إحالة أحد أعضاء المحكمة على التقاعد، وعدم امكانية استمرار المحكمة في مزاولة عملها، إلا بعد إكمال نصابها.
وبسبب الحكم بعدم دستورية النصوص القانونية التي كانت تعالج مسألة النقص العددي في أعضاء المحكمة، ومنها ما جاء في المادة 3 من قانون المحكمة الاتحادية التي كانت تنص على ترشيح أعضاء المحكمة الاتحادية من قبل مجلس القضاء الأعلى، كذلك المادة 3 ف3 من قانون مجلس القضاء الأعلى. وبقاء المحكمة الاتحادية على الوضع الحالي، وتعطيلها، لأسباب تشريعية صرفة، يستدعي سؤالا مهما: كيف يمكن استمرار عمل الدستور وعمل مجلس النواب في ظل تعطيل المحكمة؟ الحقيقة، ان بقاء الوضع الحالي كما هو عليه، يعني تعطيل أي فرصة في سن القوانين المهمة، وكذلك يعني عدم وجود إمكانية لإجراء الانتخابات النيابية، نظرا لدور المحكمة الاتحادية واختصاصها في المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات.
القوى السياسية، تسعى اليوم، لاستثمار الفرصة المواتية لها، من خلال اقتراب الموعد المحدد من قبل مجلس الوزراء لاجراء الانتخابات، واستحالة استمرار الوضع الحالي، دون وجود محكمة اتحادية، فقررت سد النقص
التشريعي.
ولكن لا بدّ أولا من تشخيص المشكلة ومن ثم معالجتها. الواقع السياسي والتشريعي، يقول بصعوبة إقرار قانون للمحكمة الاتحادية وفق المقاييس الدستورية، لأن هنالك اختلافات كبيرة في وجهات النظر بين الكتل السياسية، لذا لا بد من اللجوء إلى الخيار الثاني وهو تعديل قانون المحكمة الحالي، عبر سد النقص الذي أحدثته المحكمة الاتحادية نفسها، من خلال الحكم بعدم دستورية النص الذي يمنح مجلس القضاء الأعلى الحق في تشريح أعضاء المحكمة، إذ لا بدّ من تشريع نص جديد، بديلا عن النص الملغى.
وهذا الطريق يبدو أسهل من الطريق الأول. لكنه هو الآخر، يواجه عراقيل وصعوبات كثيرة، أبرزها وجود بعض القوى التي تسعى لتشريع القانون بشكل كامل، وعدم حل المشكلة وقتيا.
إذ لا بد من معالجة جذرية، لضمان استقرار أهم مؤسسة في
الدولة.