استبدال العقوبة السالبة للحرية بالغرامة

آراء 2020/10/01
...

 حميد طارش

يقصد بالعقوبة البديلة هي عقوبة جنائية لاتختلف عن العقوبات الاخرى كالسجن والحبس من حيث كونها تنطوي على الألم للجاني وتستهدف زجره واصلاحه وردع غيره لكنها تتميز عنها كونها عقوبات غير سالبة للحرية تماما، ولها عدة صور كالغرامة المالية والعمل للمنفعة العامة كالخدمة في دور العجزة والايتام والمستشفيات والمزارع والمعامل او سحب ترخيص ممارسة المهنة، ولهذه العقوبات اهمية كبيرة للدولة والمجتمع، اذ يوفر للدولة الاموال التي تصرف على السجناء كما انها تمنع من تخريج دفعات جديدة من المجرمين بسبب الاحتكاك بين الجناة من المجرمين بالصدفة مع عتاة المجرمين، كما تغني الدولة عن الآثار السلبية لترك أسرة الجاني من دون معيل ومرشد وعدم اهدار طاقة الجناة في السجون، بل وستكون الغرامة المالية موردا لخزينة الدولة، فضلا عن تفادي الجاني وأسرته السمعة (السيئة) للسجين وما يترتب عليها من عقد نفسية وتمييز في المجتمع والذي قد يفضي الى ارتكاب جرائم 
اخرى. إنَّ ما يرد من نقد للعقوبات المذكورة يمكن تجاوزه عن طريق فرضها على انواع معينة من الجرائم كالمخالفات والجرائم غير العمدية او بحسب دراسة حالة الجاني من حيث خلّوه من الخطورة والسوابق الاجرامية، واما ما يرد على الغرامة من انها اعفاء للاغنياء من العقوبات يمكن معالجته بأن يكون تقدير الغرامة المالية بحسب المقدرة المالية للجاني، كما ان العقوبات البديلة الاخرى ستكون متاحة للجناة الفقراء، واما ما يرد بكونها تمثل هروبا من العقاب، فإن عتاة المجرمين وذوي الجرائم الخطيرة لا يمنحون فرصة العقوبات البديلة.
للاسف عند النظر في مشروع قانون استبدال العقوبة السالبة للحرية بالغرامة الذي تمت قراءته القراءة الاولى في مجلس النواب بتاريخ21 /9 /2020 ، نلاحظ انه اقتصر على الغرامة كعقوبة بديلة مما يجعله وكأنه اعفاء للاغنياء من العقاب وهذا ايضا لايتلاءم مع انتشار جرائم الفساد المالي، كما لم يجعل المشروع الغرامة عقوبة وانما ايقاف لتنفيذ عقوبة اصلية اخرى يعاد تنفيذها عند تحقق شروطها.