توقفت كثيرا قبل الشروع بكتابة هذا المقال وتعمقت طويلا في محطاتها المشرقة.. لأن قضية ومظلومية الحسين (عليه السلام) أكبر من أن تكون مقالا وأعظم من أن تختصر في جمل
وسطور.
فلو تصفحنا التأريخ وفتشنا في بطون الكتب، فلم ولن نجد مثالا في العقيدة والتضحية والفداء مثل ما حدث على أرض كربلاء عام 61 هجري وفي يوم عاشوراء.
لقد كان هذا اليوم ترجمة حقيقية للعقيدة والمبادئ، الحقة التي ورثها الحسين من بيت
النبوة.
تلك المبادئ التي أضاءت لها الدنيا وتبدد ما حولها من ظلام، كان هذا اليوم ملحمة تأريخية عظيمة تجسد فيه صراع الايمان والكفر، صراع الخير والشر، صراع الحق ضد الباطل، سيبقى هذا اليوم فينا ما حيينا، نستلهم منه العزم والارادة لمجابهة قوى الشر والظلام التي تتجدد في كل عصر وزمان.
لقد تكاملت كل عناصر الملحمة وتجسدت في هذه الواقعة فارتقت باستحقاق عالٍ لتكون بحق ملحمة تأريخية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان وعبر ودروس، ما أحوجنا اليوم الى الاقتداء بهذه الملحمة للدفاع عن أرض وشعب العراق ضد الهجمة البربرية السوداء التي يتعرض لها العراق في غزو الارهاب الاعمى، الذي جاء ليدمر ويحرق كل ما فوق الارض، بل كل ما تحت الارض، حين قام بنسف وتهديم قبور الانبياء والاولياء والصالحين، ليظهر على حقيقته البعيدة عن الاسلام الحقيقي، وعن الانسانية
جمعاء.
لقد انتصرت دماء الطف الطاهرة على سيوف الباطل، واليوم انتصر الدم العراقي على خنجر الدواعش في معركة وملحمة عظيمة سيخلدها التأريخ، فالحق كان وما زال وسيبقى هوالمنتصر.
هناك الكثير من العلماء والفلاسفة والحكماء والمفكرين في عالمنا المعاصر لهم أقوال مشهورة بحق الحسين (عليه السلام ) وملحمته الخالدة، على الرغم من اختلاف نظرياتهم وأفكارهم وانتماءاتهم في شوؤن الحياة والسياسة، لقد كانوا ينهلون من واقعة الطف العبر والدروس في ما يواجهونه من مصاعب وأزمات في ساعات عصيبة من حياتهم، وعلى الرغم من ان غالبيتهم من غير المسلمين وعلى ديانة غير
الاسلام.
واليوم يعيد التأريخ نفسه فداعش اليوم تقتل باسم الاسلام وترتكب أفظع الجرائم تحت شعار الاسلامن فأين الاسلام بالأمس من قتلة الحسين وأهله وأصحابه، وأين الاسلام اليوم من ما يرتكب ويحدث باسم الاسلام على يد أشر الاشرار من الارهابيين ومجرمي هذا
الزمان.