صالح لفته
لم تكن ثورة تشرين البداية الحقيقية للتظاهرات والاحتجاجات، التي شهدها العراق منذ 2003 وحتى 2019 عام ثورة تشرين الرافضة لنظام المحاصصة والفساد وتشظي الوطن وتمزقه والمطالبة بالخدمات وفرص العمل، بل كانت هناك احتجاجات في أوقات كثيرة تظهر في مدن عراقية عديدة تأخذ فترة ثم تنتهي لأسباب كثيرة، من ضمنها الوعود الكاذبة والتخديرية او التهديد بالسجن والتصفية لنشطاء الاحتجاجات، لذلك لم تكن تأخذ الحيز الذي أخذته ثورة تشرين، فالوضع اختلف والوعي الجماهيري بات في أعلى مستوياته ومعظم الشباب، الذي يقود التظاهرات هم جيل تمرد على كل الظروف السائدة ولم يعد يصدق الأعذار، التي كانت تتحجج بها الأحزاب الحاكمة .
فلم تفعل خطط الأحزاب هذه المرة مفعولها وتميت الاحتجاجات في مهدها، بل بالعكس ازداد إصرار الشباب اكثر لإزاحة الطبقة الحاكمة، رغم ما تعرض له شباب تشرين من تخوين وتصفية جسدية وسقوط المئات منهم شهداء والآلاف من الجرحى .
هذا الاصرار أرجع الأمل لجميع العراقيين، بعد أن كُسر حاجز الخوف لكل اطياف الشعب، وصار شعار الجميع واحدا (نريد وطن) دون أن ترى مسميات طائفية أو فئوية كانت سائدة ومسيطرة على عقول الجماهير للأسف الشديد .
ثورة تشرين كانت لها الكثير من المطالب الحقة، التي خرجت الجماهير للمطالبة بها ربما تأخر حصاد بعضها وهذا طبيعي في ظل طريقة النظام السائد في العراق والطريقة التي تتم بها قيادة البلد، طيلة الفترة السابقة.
لكن نتائج تشرين المباشرة ونصرها الأكبر تحقق اثناء الاحتجاجات، بعد أن اجبرت حكومة أحزاب المحاصصة على الاستقالة وازاحة قيادات تقليدية جاثمة على صدور العراقيين، ورفضت تمرير شخصيات دفعت بها الأحزاب للأخذ بزمام المبادرة ومسك دفة الحكم قبل أن ترفض نهائيا .
ربما تتأخر بعض مطالب الجماهير قليلاًـ كالمطالبة بتغير نظام المحاصصة الفاشل وحصر السلاح بيد الدولة وازاحة منظومة الفساد كاملة، لكن بالتأكيد ستتحقق تلك المطالب طال الزمن او قصر.
أكثر ما يهدد ثورة تشرين هو غياب الممثل الحقيقي لهم حتى الان وعدم تسمية ممثل حقيقي في الانتخابات المقبلة، يمثل شباب تشرين وهنا تكمن الخطورة، لأن الكثير من الأحزاب ستحاول سرقة جهود تلك الجماهير الثائرة وتدعي تمثيلها لهم وهذا بالتأكيد يعيدنا للمربع الأول عند سلب جهود شباب تشرين ويسرق الوطن من جديد .