سعد العبيدي
مرة أخرى يظهر السلاح المنفلت أو الموجود خارج سيطرة الدولة ليهز أركان الدولة، وإن لم يكن قد اختفى من الساحة العراقية طوال الفترة التي أعقبت المعارك الحاسمة مع داعش، لكن ظهوره هذه المرة في بغداد وأربيل كان قاسياً على المجتمع العراقي والدولة، إذ إنه في بغداد سقطت بعض مقذوفاته على أسرة عراقية آمنة، استشهد بسببها ستة أفراد من أبنائها، بطريقة تحسب كارثة لا يمكن تبريرها بكل حجج النضال من أجل
التحرير.
وفي أربيل وإن لم يستشهد أحد إثر سقوط ست مقذوفات على قرية قريبة من مطار أربيل والحمد لله، لكن تأثيره كان أمضى بسبب الرسائل التي أراد أصحابه تبليغها الى الآخرين، رسائل موجهة بينها الى الأكراد: من أن مجتمعهم غير آمن مثله مثل باقي أنحاء العراق، ولقوى التحالف والأميركان: من أن أماكنهم في أربيل يمكن أن يطولها السلاح مثلها مثل المقرات والمكاتب العائدة لهم في بغداد، وللحكومة المركزية رسالة هي الأقوى لما تحمله من تحدٍ لإجراءاتها، التي تسير باتجاه تقييد استخدام السلاح خارج سيطرة واستخدام الأجهزة الأمنية، التي تلتزم وتتقيد بأوامرها.
إن الرسائل التي رغب أصحاب السلاح المنفلت إيصالها الى الجهات المذكورة وأخرى غيرها وصلت في ساعتها، وبوصولها خلقت أجواء توقع لحرب محتملة في عموم العراق، وكونت رغبات عند شرائح ليست قليلة من المجتمع العراقي قائمة على تمني الحرب لا شعورياً كسبيل هو الوحيد على ما يبدو للتخلص من ضغط السلاح على العقول الساعية الى العيش بأمان، إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن سيطرة هذا النوع من السلاح قد أرعبت المواطن لفترة زمنية طال أمدها حدا، كونت ذلك التمني بالخلاص وهو أسوأ أنواع التمني وأبعده عن بناء
الدولة.