نجاح العلي
المتتبع لتاريخ وسائل الاعلام يمكنه بسهولة ملاحظة الاستغلال المكثف لتلك الوسائل اثناء الانتخابات، سواء كانت حقيقية وفق أنظمة ديمقراطية او انتخابات صورية في ظل انظمة شمولية ديكتاتورية، ويمكن تلمس هذا الامر في العراق بعد عام 2003 وظهور العديد من وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، يرتبط او يتناغم خطابها الاعلامي مع شخصيات واحزاب وتجمعات سياسية وتظهر تبعيتها وارتباطاتها بشكل أوضح اثناء الانتخابات، عبر ترويجها لشخصيات وبرامج سياسية محددة وفي عام ٢٠١٤ بسبب احداث داعش وانهيار أسعار النفط وماترتب عليه من أزمة مالية، توقفت العديد من وسائل الاعلام، خاصة المستقلة او شبه المستقلة او تلك التابعة لجهات سياسية لم تفز في الانتخابات، اما المؤسسات الاعلامية ذات التوجهات الحزبية والفئوية، فقد بقيت في الساحة الاعلامية لاستمرار عمليات تمويلها.
وبحسب مفوضية الانتخابات هناك ما يقارب 300 حزب سياسي، مسجل بشكل رسمي وممكن أن يرتفع العدد في الفترة المقبلة قبيل الانتخابات المبكرة المزمع اجراؤها منتصف العام المقبل، ومع تغير المزاج الشعبي العام بفعل ما افرزته تظاهرات تشرين، باتت الحاجة الماسة الى اعلام مهني محايد ومستقل يثقف الجمهور ويقدم له الاخبار والتحليلات والبرامج السياسية للمرشحين بموضوعية، بعيداً عن التحيز والتمييز الطائفي والمذهبي والقومي والاثني، صحيح أن شبكة الاعلام العراقي ملزمة قانونا باتاحة الفرصة بشكل عادل لجميع المتنافسين في الانتخابات لعرض برامجهم والترويج لمرشحيهم، لكن مع استمرار التفاوت في امتلاك وسائل الاعلام لأحزاب وتجمعات محددة وغيابها عن بعضها، قد يشكل اشكالية كبيرة بالتأثير في ميول واتجاهات الجمهور لجهات محددة بعينها على حساب جهات اخرى، لا تملك هذه الوسائل وبامكانها تلافيا لهذا الامر الاعتماد على الاتصال المباشر عبر التجمعات والندوات والورش والمؤتمرات او من خلال الاستغلال الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي، وهي متاحة للجميع وواسعة الانتشار ولها القدرة على التاثير في الجمهور، وخاصة شريحة الشباب والتعويل على الوعي المجتمعي والاستفادة من اخطاء التجارب السابقة.