عبدالامير المجر
الأخبار التي تناقلتها الفضائيات عن إرسال تركيا (مرتزقة سوريين)، ممن جندتهم في التنظيمات (الجهادية) اثناء سني الخراب الماضية، الى اذربيجان، للمشاركة في الحرب الدائرة هناك ضد ارمينيا، اعادتنا عقودا الى الوراء، عندما كان الجيش الصيني بقيادة زعيم الحزب القومي (الكومنتاج) تشيانك كاي تشك والشيوعيين الصينيين يقاتلون معا، قوات الاحتلال الياباني لإقليم منشوريا.. في تلك الفترة، حيث الحرب العالمية الثانية في أوجها، وتحديدا في العام 1943 انعقد في القاهرة مؤتمر للحلفاء ضم الرئيس الاميركي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل، وكان من المفترض أن يحضره ستالين، الاّ انه اعتذر عن الحضور بسبب حضور الزعيم القومي الصيني تشيانك كاي تشك، الذي يقال إنّه غدر بعدد كبير من الشيوعيين أثناء حربهم معا ضد اليابانيين، بعد أن نصحهم ستالين في المشاركة الى جانب القوميين لتحرير الاقليم.
الشيء الذي استوقفني هو ان الزعيم القومي تشيانك كاي تشك، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الصين حينذاك، قرر بعد انتهاء المؤتمر، زيادة عدد المبتعثين من الصين للدراسة في الازهر من عشرة الى اربعين، وقد حصل هذا بعد ان جنّد (الاخوان المسلمون)، جيشا من المسلمين للوقوف مع القوميين (الكومنتاج) .. وبعد تحرير منشوريا نهاية الحرب العالمية الثانية، اندلعت الحرب بين (حزب الشعب) الشيوعي وبين الحزب القومي (الكومنتاج)، على السلطة هذه المرة، فحارب هؤلاء ضد الشيوعيين الكفرة! لكن النتيجة ان القوميين هزموا وباتت الصين شيوعية.! يصعب الجزم أن اولئك المجندين كانوا مرتزقة، كونهم انطلقوا من فكرة عقائدية، في صراعهم ضد الشيوعيين، وقبلها من فكرة (جهاد الدفع) ضد المحتل الياباني، منوهين هنا بأن في الصين ملايين المسلمين، وان تجنيد هؤلاء يحتاج الى تثقيف عقائدي، وفّره التنظيم، الذي دخل لعبة كبار لم يكن يدرك ان مخرجاتها مرسومة خارج حساباته.
هل كان ذهاب (المرتزقة السوريين) الى اذربيجان بدافع عقائدي بحت، ام ان الحياة اغلقت ابوابها في وجوههم، بعد أن عبثت أيدي الكبار نفسها ببلدهم وشردت الكثير من ابنائه؟ مأزق البسطاء أنهم دائما ضحايا ألاعيب الكبار، ويدركون ذلك بعد فوات الأوان، وعندما تنعدم أمامهم الخيارات!