لماذا سكتنا على وقاحة ماكرون؟

آراء 2020/10/11
...

 حمزة مصطفى

 
 
لو كان الذي قال إن الإسلام "مأزوم" شخص آخر وليس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأقصد بالشخص الآخر رجل دين مسيحي أو يهودي أو أي ديانة أخرى، سواء كانت الإبراهيمية أو غيرها، ولو كان الذي قال ما قاله ماكرون مستشرقا وليكن أستاذ ماكرون نفسه الفيلسوف بول ريكور الذي تتلمذ فخامة الرئيس على يديه أو أي مستشرق آخر ممن درسوا الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، بل لو كان الذي قال ربع ما قاله ماكرون بحق الإسلام مسلما مؤمنا يؤدي الصلوات الخمس وربما يكون قد أدى فريضة الحج، ما الذي كان يمكن أن يحصل لأي واحد من هؤلاء. 
التاريخ القديم والمعاصر حافل بعشرات الأمثلة البارزة حول ما تعرض له مفكرون وكتاب ومجتهدون مسلمون، ماعدا أولئك الذين لديهم وجهات نظر، أراها أنا لا سواي منحرفة فكرا وسلوكا، فهناك العديد من كبار المتصوفة وعلماء الكلام والمفكرين لديهم وجهات نظر تقدح في العقيدة الإسلامية بالأساس وتشكك في كل شيء، بدءا من الخالق والمخلوق وكتاب الله القرآن العظيم. لسنا بصدد مناقشة هؤلاء لأن ما قالوه يتعدى كثيرا ماقاله ماكرون. 
هناك في مقابل ذلك مفكرون كل جريرتهم إنهم إجتهدوا ضمن سياق العقيدة الإسلامية، ولم يعلن أي منهم خروجه منها أو قدحه فيها، لكنه إما رفض ما تعارف عليه المسلمون على صعيد نظام الحكم ,أو إجتهد من منطلق أن أجر المجتهد إن أصاب أو أخطأ، وهناك أمثلة ساطعة مثل الشيخ الأزهري علي عبد الرازق مؤلف كتاب "الإسلام وأصول الحكم" الذي تعرض لمحاكمة جائرة لا نريد الخوض في تفاصيلها لضيق الحيز، الأمر نفسه ينطبق على آخرين من أمثال صادق جلال العظم وحامد نصر أبو زيد، الذي تم الحكم بحرمان زوجته عليه بل وحتى مفكر مجدد لم يخرج عن النص، بل جادل ضمن النص وهو الراحل محمد شحرور، حيث تعرض هؤلاء الى نقد قاس وعنيف.
لماذا سكت الجميع عن ماكرون الذي أعطى توصيفا لا مجرد وصف للإسلام بأنه "مأزوم". ليت الأمر توقف عند ذلك، بل هناك من دافع عنه بحماس مثل الأستاذ هاشم صالح الذي قضى عمره مترجما حصيفا لأعمال محمد أركون. هل على رأس ماكرون ريشة؟ يجوز.