سر «بحة} داخل حسن

الصفحة الاخيرة 2019/01/12
...

سامر المشعل
كان رائد الغناء الريفي داخل حسن صديقا لوالدي، وبحكم أننا من منطقة واحدة، فتسنى لي معرفة بعض الحكايا والاسرار من حياة داخل حسن ومنها “البحة” التي تجلت في حنجرته.
كانت والدة داخل حسن امرأة جنوبية محافظة ومتدينة، نصحته مرارا وتكرارا بترك الغناء وان يكرس صوته بالقراءات الحسينية، لكن داخل وبعد ان تشرب حب الغناء وملأ كل حواسه لم يلتفت الى نصائح والدته، لاسيما بعد أن شق طريقه في عالم الشهرة واصبح له اتباع ومريدون.
بعد ان يئست والدته من امتثاله لنصائحها.. وفي احدى الليالي التي عاد بها داخل حسن الى البيت ثملا، وضعت والدته الكحل مع القهوة وسقته اياه.
وهذه التركيبة من شأنها ان تدمر الصوت وتشوهه، بعد ذلك تعمقت “البحة” في صوت داخل حسن، وميزته عن بقية أصوات المطربين في الكون، واصبحت جزءا من شخصيته الغنائية.
ظل داخل حسن منتميا للفن بكل جوارحه، ولم يصب حنجرته الذهبية الوهن، فعندما تقاعد من وظيفته في العام 1978، وعاد الى مدينته الناصرية اقيمت على شرفه حفلة خاصة في مسرح بهو الناصرية، احتفاء بعودة ابنهم البار.. غنى داخل “ ذهب الشباب فما له من عودة.. واتى المشيب فأين منه المهرب “ واطرب بصوته المتبل بعذوبة وجمال الطبيعة الجنوبية.
استطاع داخل حسن خلال تجربته ان يقدم تشكيلة غنائية فيها الوان متنوعة من فنون الغناء، فقدم “الدويتو” مع المطربة الريم بأغنية “ لو رايد عشرتي وياك “ قبل أكثر من ستين سنة، وكانت أغنية جميلة معبرة بابعادها الانسانية والاجتماعية، وقدم الغناء الثنائي مع الفنان حضيري ابو عزيز بأغنية “ ياحضيري بطل النوح”، قدم النايل والتجليبة.. والعديد من الاطوار وابرزها الغافلي والشطراوي والحياوي وغيرها.
تمكن داخل حسن ان يحقق شهرة فاقت جميع مطربي الريف، نظرا لما قدمه من فن مبتكر ولم يكتف بترديد اغاني اسلافه.
وعندما بلغ من العمر عتيا ذهب ابو كاظم لحج بيت الله واعتزل الغناء، بعد ان افرغ ما بداخله من موهبة، مهتديا بوصية والدته التي جاءت متأخرة، ليطوي رحلته مع الحياة في العام 1985.