فجر محمد
مؤلفات وكتب وبحوث علمية وانسانية، فضلاً عن اعمال فنية ظلت حبيسة الاوراق، خوفاً عليها من بيئة رقمية لا تحافظ على جهود الغير، واخرى سرقت وجيرت بأسماء اخرى، فضاع الجهد الذي بذله اصحابها، لذلك حفاظاً على الارث الانساني وجدت الملكية الفكرية، وبعد ظهور جائحة "كورونا" وتوقف الحياة الطبيعية لفترة من الزمن، اصبحت الآلية الالكترونية ضرورة ملحة للحفاظ على الجهد الانساني من السرقة والضياع.
حافز
لمؤلفات الاكاديمية الدكتورة سماء الزبيدي وبحوثها العلمية التي تناقش ادارة الاعمال وطرق التسويق بشكل متطور مكانة خاصة ومهمة لديها، ولهذا فهي تسعى الى الحفاظ عليها قدر المستطاع، وهي ترى أن الاعتراف بالملكية الفكرية واقترانها بالباحث او المؤلف او صاحب الفكرة لمنتج معين يمثل نوعاً من التقدير ودافعاً لمزيد من العطاء وحافزاً للاستمرار وحقاً مهماً من حقوق المؤلف.
آليَّة
كي لا تكون جائحة "كورونا" عقبة امام المبدعين لتسجيل نتاجاتهم الادبية والفنية والانسانية بشكل رسمي وليحافظوا عليها اوجدنا نظاماً الكترونياً، هذا ما بينته مديرة المركز الوطني لحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة في وزارة الثقافة والسياحة والآثار هند الحديثي وتابعت القول: " ان الاهتمام بالأعمال الفنية والادبية والمؤلفات دفعنا الى تسجيل العمل الكترونيا وذلك لسهولة المهمة وسرعتها، اذ تم وضع آلية خاصة تسهل على صاحب العمل تسجيل عمله في استمارة الكترونية مع ارفاق العمل الذي قام به ايضا، فضلاً عن وثائقه الثبوتية، حفاظاً على حقه الكامل.
كورونا
الحديثي لفتت الى أن هذا النظام تم اعداده مؤخراً تماشياً مع التغيرات التي احدثتها جائحة كورونا، ولتسهيل العمل الكترونياً اكثر من الورقي، ولابد من الاشارة الى أن الحماية الفكرية لا تقتصر على المؤلفات بل تتعداها الى تسجيل العلامات التجارية للشركات، فضلا عن اطروحات الدكتوراه والماجستير".
"الويبو"
بعد أن رفض مخترعون اجانب المشاركة في معرض الاختراعات الدولية المقام في فيينا عاصمة النمسا عام 1873 خشية من وقوع افكارهم واختراعاتهم ضحية للسرقة او الاستغلال التجاري، لذلك ظهرت الحاجة الملحة الى منظمة تحافظ على الملكية الفكرية وهكذا استمرت الجهود لغاية تأسيس منظمة حماية الملكية الفكرية المعروفة بـ"الويبو"، وفي عام 1974 انضمت المنظمة الى اسرة منظمات الامم المتحدة واصبحت مهمتها حماية المؤلفات والمصنفات الادبية والفنية وتسعى الى فرض الحماية للملكية الفكرية للصور والاغاني والاعمال الفنية، وبحسب المنظمة فان رسالتها تنطوي على تعزيز وابتكار ونشر واستخدام وحماية أعمال الفكر الإنساني من خلال التعاون الدولي، في سبيل تحقيق التقدم الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وحماية الملكية الفكرية حق من حقوق البحوث العلمية والدراسات الرصينة، لثقتهم بضرورة الحفاظ عليها، لكونها تعد مصنعاً من مصانع اقتصاد المعرفة، ولانها تحتوي على المعلومات المهمة الواجب توفرها من اجل وضع حلول للمشكلات التي
تعترض القطاعات المختلفة، وفي عام 1994 طبقت "الويبو" نظام البراءات الدولي، اذ اصبح اليوم من اكبر الانظمة التي تودع فيها سندات الحماية الفكرية، وفي عام 1998 تم افتتاح اكاديمية "الويبو" التي تعتمد في منهجها على تعدد الاختصاصات، وتستهدف جمهورا عريضا من محترفي الملكية الفكرية، ولم تحصر المنظمة جهودها في البحوث والدراسات والمؤلفات، بل اهتمت في الاعوام الاخيرة بالتنمية المستدامة وسلطت الضوء عليها.
تشريعات
ينشر الباحثون والعلماء والمفكرون بين الحين والآخر بحوثهم ودراساتهم العلمية الرصينة، ولان الانترنت فضاء مفتوح، فلا سبيل للحفاظ على هذه الجهود العلمية، سوى بقوانين رصينة وتشريعات تحافظ على تلك الاعمال، ومن وجهة نظر الباحثة العلمية رند موفق، فانه بعد انتشار جائحة كورونا، وتداول الدراسات العلمية، اصبح من الواجب ايجاد قوانين تحفظ البحوث في ظل انتشار الانترنت والمواقع الالكترونية
المختلفة.
ان غياب التشريعات لا يعني بالضرورة أن تمر السرقات العلمية دون ملاحظة او حساب، ومن الامثلة على ذلك قيام احد الصحف بنشر مقال، تحدثت فيه عن نماذج لسرقات في احدى الجامعات الاميركية، حين اعد احد الباحثين بالتعاون مع زميل آخر له بحثاً يتحدث فيه عن طريقة تتنبأ بمدى تأثير العلاج الكيميائي في مرضى السرطان، وبدأت الجامعة بتطبيق هذه الطريقة على المرضى، ولكن بعد مدة وجدت الجامعة أن الباحث قد تلاعب بنتائج البحث، ففصل من الجامعة وتم سحب أبحاثه ودورياته العلميَّة.
رقابة
من منا لم يزر مكتبة ويطالع فيها كتباً مستنسخة ومقلدة احيانا في حين غابت الاصلية عن الرفوف، ولكن القليل منا يطرح التساؤلات عن غياب النسخ الاصلية، ولهذا الموضوع اسباب متعددة منها البحث عن الربح السريع بعيدا عن حق المؤلف، الاكاديمية الدكتورة سماء الزبيدي شكت من هذا الامر قائلة: "ان هناك ثقافة منتشرة بين افراد المجتمع وهي اقتناء الكتاب المنسوخ دون الاهتمام بالاصل، كما أن جشع اصحاب المكتبات والمطابع جعلهم يلجؤون الى النسخ دون الاستئذان من المالك او الرجوع اليه، للحصول على اكبر قدر ممكن من الارباح، ودون اعطاء حقوق المؤلفين، فضلاً عن ضعف الجانب الرقابي على المطبوعات، فالكتب المؤلفة وعلى وجه الخصوص العلمية منها، اغلبها لا تتم مراجعتها من قبل لجان مختصة او التعرف عليها، ان كانت منسوخة او مترجمة او نتيجة جهد وبحث حقيقيين، فضلا عن ضعف الرقابة على المطابع التي تنسخ آلاف الكتب يومياً، كما ان هناك بعض الممارسات التي تؤذي الكاتب، و تمس به سواء كانت عن عمد او لا وهي التلاعب بالمحتوى، او تغيير غلاف الكتاب والمعلومات المثبتة عليه دون الرجوع الى
المؤلف".
تحقيقات صحفيَّة
لا تقتصر حقوق الملكية الفكرية على المؤلفات والدراسات العلمية والانسانية، بل تشمل التحقيقات الصحفية التي يبذل اصحابها جهوداً في سبيل اخراجها للنور وايصالها للجمهور، مديرة المركز هند الحديثي تحدثت عن احدى القضايا التي رفعت فيها دعاوى قضائية قائلة:"هناك اكثر من مؤلف لجأ الى المركز كي يثبت حقه، بعد أن تعرضت جهوده للسرقة والنشر دون علمه او جيرت باسم آخر، ومن التجارب بهذا الخصوص رفع احد الصحفيين دعوى قضائية على احدى الصحف لنشرها تحقيقه الصحفي مع وضع اسم شخص آخر عليه، وبعد البحث والمتابعة من قبل الصحفي تم رفع دعوى قضائية ونجح بكسبها ضد تلك الصحيفة وحصل على تعويض مالي، لذلك من حق أي صحفي أن يضمن حقوق الملكية الفكرية لاي تحقيق او عمل صحفي قام به لحمايته، ولكي لا تتم سرقته من قبل وسيلة إعلاميَّة
أخرى".