سوق مولوي..واجهة سياحيَّة تضج بالجمال

ريبورتاج 2020/10/13
...

  عذراء جمعة
 
لن تجد صعوبة في الوصول اليها، رغم تشعباتها الكبيرة وتعدد شوارعها التي تختلف بما تعرضه لكسب الزبائن، انها سوق مولوي التي استمدت قيمتها التاريخية من موقعها المتميز الذي يتوسط بين موقع السراي الحكومي سابقاً وبين الجامع الكبير.
الشاعر ملا سعيد
تصميم السوق يمزج بين التراث والحداثة ويقصدها الفقراء والاغنياء، اذ يجدون فيها مبتغاهم، وتبقى واجهة لأغلب السياح القاصدين محافظة السليمانية من مختلف بقاع العالم. 
كانت تسمى بالشارع الجديد، نظراً لتبليطه في عام 1937 ، ومن ثم اطلق عليها عام 1956 مولوي، نسبة الى الشاعرعبد الرحيم ملا سعيد مولوي، وهو شاعر كردي صوفي ولد عام 1806 في السليمانية، اذ يرجح بأن زوجة الشاعر عنبر خاتون قامت بإطلاق هذا اللقب عليها، ولكونها سيدة افغانية، فهذا اللقب يطلق عند قومها على السادات والمتصوفين والشيوخ.
 
شورجة السليمانية
في بداية نشأتها كانت مختصة بمحال الخياطة فقط، الا انها اتسعت شيئا فشيئا، الى أن صارت تحوي الفنادق ومحالاً تختص ببيع الاجهزة الكهربائية والقصابة والموبايلات والمواد الغذائية والمطاعم والافران والمقاهي الشعبية والمكتبات والاقمشة ومنتجات الاعمال اليدوية الشعبية، فضلاً عن بيعها مختلف انواع الحيوانات وهي مشابهة لسوقي الشورجة في بغداد والقلعة في اربيل.
ويقول دلشاد ابو بكر(50 عاماً)، وهو صاحب مكتبة دلشاد التي تتوسط شارع مولوي و تأسست منذ 20 عاماً « نختص ببيع مختلف انواع الكتب العامة والمنهجية للمراحل الدراسية كافة، فضلاً عن الملازم الدراسية ومختلف انواع القرطاسية «.
منوهاً بأن «السوق مزدحمة بالزبائن كل يوم من مختلف الاعمار والثقافات، يبحثون عن كتب معينة ومحددة غالباً ما تكون متوفرة عندنا ونسعى الى ايجادها، اذا لم تكن موجودة».
 
تعدد المولات
توجد في السوق ثلاثة مولات وهي الصيني الذي يتميز بمختلف الماركات الصينية، ومول (lc wk )، المختص بالصناعة التركية فقط، وكاسو الذي يحتوي على مختلف الماركات وانواع البضائع التي ترفد المتبضعين من مختلف ارجاء السليمانية والسياح، ويكون البيع فيها بالجملة والمفرد ولجميع الاعمار وللجنسين حتى تتمكن الاسرة من شراء جميع احتياجاتها منها.
وعلى الجانب الاخر يبهرك اصحاب محال الكرزات بعرضهم لمختلف انواع المكسرات والحلويات ذات الالوان الزاهية والطعم اللذيذ، اذ يوضح سلام كمال صاحب أحد المحال في السوق “ نجلب البضاعة من تركيا ومن محافظات الاقليم الاخرى، فضلا عن انتاج الحلويات في معاملنا والتي نعتمد في تحضيرها على المواد الاصلية، والمكسرات التي تجلب من مزارع السليمانية والعسل الطبيعي، ولهذا لدينا زبائن منذ سنوات يقصدون محالنا لجودة المنتج فيها، اضافة الى توفيرنا العلاجات لبعض الامراض الخاصة بالمعدة والتنحيف والعقم”.
 
مقاهي الأدباء
ويبقى للمثقفين والادباء مقاهيهم الخاصة في السوق التي تجمعهم اذ يقول شكيب ادورد مدير أحد المقاهي» يرتاد مقهانا معظم الادباء والكتاب والاعلاميين والفنانين من اجل المشاورة والمناقشة في الامور الثقافية ومتابعة نتاجاتهم الادبية واكتشاف المواهب الجديدة، اضافة الى اقامة بعض المعارض الشخصية للفنانين، ولا تقتصر هذه المقاهي على ادباء المحافظة فقط، وانما يقصدها جميع الادباء الزائرين للسليمانية لما لها من متعة فنية وتذوق حسي».
في الجهة المقابلة للمقاهي الادبية تجد ساحة يجتمع فيها بائعو الكتب الادبية والعلمية وباللغات العربية والكردية والانكليزية والفرنسية ورواد هذه المكتبات كثر، نظراً لاهتمام اهل المدينة بالقراءة وتنوع ثقافاتهم، اذ تبقى سوق مولوي محطة لكل شرائح المجتمع منذ تأسيسها والى الان وهي ايقونة محافظة السليمانيَّة.
 
مؤسس السليمانية
لم تكن هذه نهاية السوق وتفردها بالجمال، فما أن تقبل على شوارعها، تجذبك رائحة «الشلغم» و «اللبلبي» اللذين احترف صناعتهما اصحاب العربات في السوق، وما أن ترى اطلالة السوق ومدى نظافتها ووضوح الاعتناء بها، تنفتح شهيتك لكل شيء، فضلاً عن النسائم الباردة بين الحين والاخر وهي تدخل بروية الى قلب من زارها.
اما من الجانب الاخر القريب من السوق، فتجد هناك فارساً يمتطي فرسه، وقد توسط سياج حديد كأنه يفصله عن صخب السوق والمتبضعين، ويعد اضافة تاريخية تعطي للسوق اهمية في حياة مدينة السليمانية، اما هذا الفارس فهو ابراهيم باشا بان مؤسس مدينة السليمانية.