قانون الكسب غير المشروع ومتابعة الأموال

آراء 2020/10/18
...

 غسان مرزة
جاء قانون الكسب غير المشروع وتعديله كضرورة ملحَّة لمحاسبة ومقاضاة أصحاب الذمم الماليَّة، وذلك بعد تنامي ثروات العديد من الأشخاص ذوي المهن والوظائف الحكوميَّة واستشراء شبهات الفساد.
ويتحدث قضاة معنيون بمكافحة الفساد عن القوانين العراقيَّة، مشيرين الى متابعة القضاء للذمم الماليَّة وأصحاب رؤوس الأموال المكتسبة بصورة غير مشروعة.
ويقول القاضي ضياء جعفر من محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة: إنَّ «الكسب غير المشروع يعدُّ إحدى صور جرائم الفساد المالي»، معرفاً إياه بأنه «كل مال حصل عليه أحد الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون نتيجة استغلال الوظيفة أو الصفة»، لافتاً إلى أنَّ «الزيادة في الثروة التي تطرأ بعد تولي الخدمة أو قيام الصفة تعدُّ كسباً غير مشروع»، من غير أنْ ينسى أنَّ «الزيادة قد تكون لزوجته أو أحد أولاده القاصرين وعجز عن إثبات مشروعيَّة مصدره».
وأشار جعفر إلى أنَّ «منظمة الشفافيَّة الدوليَّة وهي منظمة غير حكوميَّة معنيَّة بالفساد ومجلس القضاء على تواصلٍ مستمرٍ مع عددٍ من المنظمات الدوليَّة منها (UNDP) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لمعالجة موضوعات الفساد»، لافتاً أنَّ «الكسب غير المشروع هو أحد موضوعات الفساد الإداري والمالي الذي بدأنا نسمع به بكثرة وخصوصاً بعد العام 2003 وذلك نتيجة ازدياد الانتعاش الاقتصادي».
ويرى القاضي أنَّ «هذه الظاهرة ليست حديثة العهد بل شهدتها الدول قديماً وعلى سبيل المثال فإنَّ فريقاً من علماء الآثار الهولنديين عثروا على ما يقارب المئة والخمسين لوحة مكتوبة بالكتابة المسمارية في منطقة (راكا) في سوريا ومن خلال هذه الألواح الطينيَّة تم التعرف على بيانات قبول موظفين لرشاوى».
وعرج القاضي على أنَّ «الشريعة الإسلاميَّة أكدت ضرورة قيام ولاة الأمور بالحفاظ على المال العام ورعاية مصالح المسلمين مستشهداً بقول الرسول (ص) (كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته)، كما أنَّ المادة (19) ثانياً وثالثاً ورابعاً من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع المرقم 30 لسنة 2019 نصت على العقوبات المفروضة على مرتكب هذه الجريمة»، مبيناً أنَّ «قانون هيئة النزاهة عرف الكسب غير المشروع بالمادة (1) سابعاً (بأنه كل زيادة تزيد على 20 % سنوياً في أموال المكلف أو أموال زوجته أو أولاده لا تتناسب مع مواردهم الاعتياديَّة ولم يثبت المكلف سبباً مشروعاً لهذه الزيادة». 
ولفت إلى أنَّ «الإفصاح المالي من قبل الموظفين العموميين حول مصادر الدخل وأنشطتهم التجارية والعقارية يجب أنْ تعلن دورياً ويستخدم إقرار الذمة المالية للكشف عن مظاهر الفساد وان يستهدف كبار الموظفين في الدولة الذين يمكنهم استغلال وظائفهم العامة لتحقيق مكاسب غير مشروعة».
وأتم حديثه قائلاً: إنَّ «تفاصيل كشف الذمة المالية وردت بموجب قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع المرقم 30 لسنة 2011 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 2019 في المواد 16 (و17 و18و 19 أولاً وخامساً وسادساً) وعد القانون الامتناع عن إفصاح الذمة المالية للمكلفين معاقباً عليها قانوناً».
من جانبه القاضي إياد محسن ضمد قاضي أول محكمة تحقيق النزاهة في الرصافة أوضح أنَّ «مكافحة الفساد مرتكزٌ مهمٌ في النظام الديمقراطي في عراق ما بعد 2003 وعلى هذا الأساس فقد أعلن بموجبه تأسيس جهاز مستقل بالنزاهة سمي المفوضية العراقيَّة المعنيَّة بالنزاهة».
وأضاف ضمد «بعد تأسيس مفوضية النزاهة صدر قانون هيئة النزاهة ذو العدد 30 لسنة 2011 الذي تضمن تأسيس هيئة مستقلة هي هيئة النزاهة تخضع لرقابة مجلس النواب، ومن ثم صدر القانون رقم 30 لسنة 2019 والذي جاء تعديلاً لقانون هيئة النزاهة».
وأفاد بأنَّ «كشف الذمة المالية هو إفصاحُ المكلف عن أمواله المنقولة وغير المنقولة وحساباته المصرفيَّة والأموال المودعة فيها وما يملكه من ذهبٍ ومجوهرات ثمينة أخرى كذلك ما يمتلكه من مبالغ نقدية ويتم الإفصاح عن ذلك بموجب الاستمارة المودعة لدى هيئة النزاهة وهي استمارة الذمة الماليَّة».
وأكد أنَّ «الإفصاح يشمل زوج المكلف وأبناءه القاصرين وقد حددت المادة (16) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع الوظائف والمناصب التي كلف القانون شاغلها بالإفصاح عن ذممهم الماليَّة ومنهم رئيس الجمهورية والوزراء ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية وأعضاء الادعاء العام ورئيس مجلس النواب وأعضاء المجالس والوزراء والوكلاء والمدراء العامون والمحافظون والضباط من رتبة مقدم صعوداً وكل من أشار لهم نص مذكور».
وخلص القاضي «بعد صدور قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع أصبح بالإمكان متابعة أموال أي مكلف وبيان مقدار الزيادة في أمواله وأموال زوجته وأولاده القاصرين ومصادرة أي زيادة في الأموال لم يستطع المكلف إثبات مشروعيتها، ولقاضي التحقيق استدعاؤه وتكليفه بإثبات مشروعية الزيادة خلال (90) يوماً، وفي حال لم ينته المكلف من مشروعية الزيادة فإنه يحال لمحكمة الجنايات وفقا للمادة 19/2 من القانون والتي عاقبت بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع.
 ونوه إلى أنه «بعد صدور القانون المذكور شرعت هيئة النزاهة ومحكمة التحقيق في بعض قضايا الكسب غير المشروع وتمت إحالة المتهمين إلى المحاكم المختصة».