حمزة مصطفى
صدمت الورقة البيضاء عموم الطبقة السياسية في البلاد وطيفا واسعا من الخبراء، بمن فيهم خبراء الاقتصا الآراء التي لا تزال تتوالى بشأن هذه الورقة التي قدمها مجلس الوزراء لاتتضمن إضافة أو حذفا لما ورد في هذه الورقة من أفكار أو حلول، بقدر ما تعبر عن رؤية مسبقة لاصلة لها بالورقة بيضاء أو حمراء أو سوداء، فمن هو في صف الحكومة يرى أنها الحل السحري الوحيد الذي من شأنه إنقاذ البلاد والعباد من انهيار مالي واقتصادي وشيك، ومن هو في الصف الآخر المعارض للحكومة يرى أنها ورقة إما بطرانة ليس فيها ما يشفي الغليل أو أنها استهدفت الموظف البسيط من دون غيره من الموظفين الكبار أو الحيتان، وهناك رأي آخر هو بمثابة منزلة بين المنزلتين يرى أنه في النهاية لا بدّ من حلول جراحية لوضع البلد، وهو ما تهدف اليه الورقة في كل ماتضمنته من أفكار أو
مضامين.
علينا الاعتراف أن وضعنا المالي والاقتصادي، بدءا من أصغر موظف الى أكبر موظف يتسلم راتبا من الدولة بات على شفا حفرة، وبالتالي فإن الإصلاح الحقيقي، لا بدّ أن يكون قاسيا وفيه تضحيات لا بد منها، بمن في ذلك إجراءات تقشف يجب أن تشمل الجميع، سواء كانوا من ذوي الدخل المحدود أوالمفتوح بلا حدود، وبصرف النظر عن النوايا المسبقة لما تضمنته الورقة الإصلاحية البيضاء من أفكار وحلول، فإن الرؤية السياسية المسبقة لها لن تؤدي الى حلول لأزمات
البلد.
فلا بد في النهاية من خريطة طريق، أما البكاء الصادق أو التباكي الكاذب على الموظف ذي الدخل المحدود ودغدغة مشاعره بأن الحكومة تستهدفه، فهذه ليست أكثر من دعاية انتخابية مبكرة.
المطلوب بدلا من الأفكار السوداء المسبقة للورقة البيضاء، مناقشة محتوياتها والمساهمة في إبداء الحلول في سبيل الوصول الى مشتركات بين الحكومة، التي تتبنى هذه الورقة وبين الجهات المعترضة أو تلك التي لديها ملاحظات عليها، ففي النهاية لا بد لنا من حلول جراحية، لأزماتنا المالية والاقتصادية. دول كثيرة مرت بتجارب مماثلة وكانت على حافة الهاوية، ولم يكن أمامها سوى اللجوء الى حلول من هذا النوع لأن البديل هو الانهيار.