ما بين أوائل العقد الخمسيني من القرن الماضي، وأواخر العقد الثاني من القرن الحالي، فاصلة زمنية تمتد الى قرابة سبعين سنة، قد تبدو طويلة في حياة الانسان، ولكنها أقصر من قصيرة، أو لا تكاد تذكر في مسار الكون والزمن والبشرية، ومع ذلك فإن هذه العقود السبعة شهدت في العالم عامة، والعراق خاصة، الكثير الكثير من التطورات والتغيرات والتبدلات التي طالت كل شيء بدون استثناء.
ربما كانت أنواع التسالي والالعاب في المقدمة منها، سواء كانت للصغار والكبار أم للذكور والاناث، وقد حفظت لنا البحوث الفولكلورية ومجلاتها وكتبها عشرات المئات، ويُلاحظ – كما هو متوقع – إن أطفال الاربعينات والخمسينات من القرن العشرين على سبيل المثال، كانت لهم ألعابهم الخاصة التي غاب معظمها عن أطفال اليوم، أو أطفال الالفية الثالثة بصورة عامة، ولا تخرج عن هذه القاعدة ألعاب الفتيان والشباب والرجال ومثلهم البنات والصبايا والنسوان، ومن الطبيعي جداً أن تحافظ بعض الالعاب على حضورها حتى بعد مرور مئة سنة او يزيد احياناً، ومن الطبيعي كذلك أن يتراجع بعضها أو معظمها الى حد الاختفاء الكلي انسجاماً مع مجمل التطورات التي يشهدها العالم، والعراق جزء من المنظومة العالمية، وكذلك مع معطيات التكنولوجيا ومنجزاتها المتواصلة في ميدان الألعاب، من دون أن نغفل بالتأكيد الدور الفاعل للعامل الاقتصادي في التأثير على نوعيات الألعاب، سواء ارتبط هذا العامل بالدولة أم بالأسرة.
في الحدود التي يسمح بها مجال النشر، يمكن ان نستذكر أو بالاحرى نذكر بعض العاب الذكور من الاطفال والفتيان مثل (غميضان وجميدان وسبع حجارات والكعوب والدعابل والطيارات الورقية والمصاريع – جمع مصراع- وختيلان والصقله والموق والعجلات والسيفون وكرة القدم – الكرة صغيرة الحجم نسبياً، ومصنوعة من المطاط – والدراجات الهوائية والحاح أو ما يدعى باسم – بلبل حاح - ...الخ)، وأعتذر بسبب ضيق فسحة النشر عن شرح بعض الاسماء الغريبة كالكعوب والموق والسيفون وغيرها.
كان للبنات الصغيرات وعموم العنصر النسوي بالمقابل، عدد من الألعاب، بعضها يعدُّ من المشتركات بين الذكور والأناث، وبعضها الآخر يكاد يكون حكراً على الاناث، من ذلك لعبة (بيت ابو بيوت) ولعبة (التوكي) و(الحبل) و(طمه خريزه) وغيرها، وربما تميزت معظم العاب (الأولاد) بشيء من القوة او الخشونة كالمصارعة او كرة القدم فيما عبرّت ألعاب (البنات) عن قدر واضح من الانعكاسات النفسية نحو البيت والامومة، ولهذا كان اقتناء (الدمى والعرائس) يحتل المرتبة الاولى من العابهن، وعلى العموم فخارطة الالعاب الطفولية تأثرت اليوم الى حد كبير بمغريات الموبايل والانترنت.. بالمقابل تأثرت خارطة الالعاب الرجالية القديمة كالورق والنرد والساس والدومينو بفعل التطورات السياسية المذهلة، بعد ظهور لعبة مستوردة لا أحلى منها ولا أكثر ضحكاً وسعادة بالنسبة لهم، حيث يمكن لها أن تحقق للواحد منهم أعظم أحلامه، وهي المعروفة باسم : اللعبة الديمقراطية!!