حسين الصدر 

- 1 -

يحرص معظم الناس على إظهار نفسه جميلاً أمام الناس 

 

ومن هنا تُنفق الأموال الطائلة على عمليات التجميل ...

 

مع انّ الجمال الحقيقي يكمن في جمال الأفعال والاخلاق،وبهما يكون الانسان جميلاً في المنظور الرسالي .

 

 - 2 -

والجمال الذاتي – وهو صفاء النفس المؤمنة – لا يعادله أيُّ جمال آخر..

 

- 3 -

وينوء أصحابُ العاهات الظاهرة بأعباء البعد عن الوسامة الظاهرة، ويحاولون الخلاص باي ثمن ...،

لقد أتيحت للانسان المعاصر – ذكراً كان أو أنثى – فرصةُ إجراء عمليات التجميل، والخلاص مما يعاني منه ، بعد ان كانت الأجيال السابقة محرومة منها ...

 

- 4 -

ومن المضحك المبكي في هذا الباب قصة القاضي المصري رشيد بن الزبير فقد كان قصير القامة ، 

أسود اللونِ ،

ذا شفتين غليظتيْن ،

وأنفٍ كبير ،

ومنظرِ قبيح 

ولكنه كان من أمهر القضاة ومن أحسن الكُتّاب 

وكانت له مشاركاته العالية في علوم كثيرة ، منها النحو والمنطق والفقه والتاريخ ...

وكان يسكن في شبابه في مدينة القاهرة بمصر ، مع عبد العزيز الادريسي وسليمان الديلمي في بيت واحد ، كان ذلك لضيق ذات اليد والفقر الشديد .

وذات يوم خرج من المنزل ولكنّه لم يعد الاّ في وقت متأخر ..!!

فسأله زميلاه عن سبب هذا التأخر فرفض الاجابة 

وبعد الالحاح الشديد عليه 

قال :

كنتُ أعبر من المحل الفلاني فصادفتُ امرأةً ذكيّة جميلة ، ، كانت تنظر اليّ بعين الرأفة والعطف ، فذهلتُ من شدة الفرح ، وبتُّ أرقب سيرها ، فاشارت اليّ بطرف عينها فتبعتُها ... حتى انتهينا الى دار ففتحت الباب ودخلت ، وأشارت اليّ بالدخول فدخلت ، فكشفت النقاب عن وجهها الجميل ثم صفقت بيدها ونادت باسم فتاة، فاذا طفلة في غاية الجمال نزلت من الطابق العلوي فهدّدت المرأةُ الطفلةَ بي ، وانها سترسلها اليّ لآكلها اذا أقدمت على الاستمرار فيما كانت قد اعتادت عليه من البول في الفراش..!!

فاضطربت الطفلة ، وراعها الخوف والهلع ثم شكرتني 

فخرجتُ من دارها، وأنا في غاية التأثر ، الامر الذي جعلني أجوب الطرقات لشدة الذهول، وهذا هو سبب التأخر في العودة اليكم لقد نقلنا القصة بتصرف ولم نلتزم بنقلها حرفيا كما وردت في بعض الكتب .

انظر الى عمق معاناة القاضي رشيد بن الزبير مما كان فيه 

وقد تعرض الجاحظ قبله الى موقف مثير ان كثيرا من ذوي الإعاقة أصبحوا من المبدعين وذوي البراعة في الفنون .

لقد أهدى اليّ بعض الأحبة لوحتين رسمها فنّان معاق ، هما في غاية الروعة والاتقان ، وقال لي :

انه رجل لم يحظ بشيء من الجمال في مظهره العام ولكنه يرسم معتمداً على أصابع

 قديمه ..!!

وقد رزقه الله ولداً جميلاً فكان له نعم العوض .

 

- 5 -

وشكا اليّ أحد الأصدقاء من زوجته التي تحتال بشتى الطرق للحصول على المال اللازم لاجراء عمليات التجميل ، تارة لوجهها واخرى لموضع من جسدها مع انّه لم يُشعرها ابداً باي لونٍ من ألوان التبرم مما هي فيه  فلماذا تكبد زوجها هذه الخسائر وهو راضٍ بها على ما هي عليه ؟!

 

- 6 -

ان اصحاب الوجوه الحِسان عليهم ان يكونوا ذوي أقوالٍ وأفعالٍ حِسان..

أما الذين لم يرزقوا جمالاً ظاهراً فانّ عليهم انْ يدركوا أنّ المدار على الباطن لا على الظاهر .

ولقد ساد كثير ممن لم يكونوا من أهل الجمال قومهم بما امتلكوه من مكارم الاخلاق .