مشروع لإعادة الحياة للنخيل

ريبورتاج 2019/01/14
...

بغداد / رلى واثق
(بلد النخيل) لقبٌ أطلق على العراق لكثرة أشجار النخيل فيه، حتى صار من أبرز الدول المنتجة والمصدرة للتمور، ليتحول بفعل الحروب وعزوف الفلاحين عن الزراعة وظروف أخرى الى أكبر بلد مستورد للتمور، فبعد أن تناقصت أعداد النخيل بشكل ملفت للنظر تنبّه المعنيون لذلك وبدؤوا بايجاد الحلول، فالنخيل لها فوائد كثيرة صحية وغذائية وصناعية واعلاف للحيوانات واقتصادية، فتحتاج بذلك الى بذل الجهود لاعادة مكانتها في بلاد الرافدين.

يوجد في العالم أكثر من ألفي نوع من التمور، 600 نوع منها في العراق، ويعد من أجود الأنواع البرحي والخستاوي والزهدي وغيرها من الأنواع.
 
مشروع إعادة النخيل
 الممثل الخاص لبعثة البنك الدولي في العراق يارا سالم توضح:
"ان البنك الدولي بصدد دراسة مشروع اعادة النخيل الى الحياة بالتعاون مع وزارة الزراعة، والمباحثات جارية في الوقت الحالي بأن يكون الدعم في مرحلة الانتاج او تغيير نوع النخيل واعادة الحياة اليه باستخدام التقنيات المتطورة جدا من أجل انتاج أنواع معينة من التمور المقبولة ليس محليّاً فحسب وإنما حتى عالميا من أجل خلق تبادل تجاري وتعظيم الموارد الاقتصادية الناتجة من هذا التصدير".
وتابعت سالم: "النخلة هي من أهم رموز بلاد الرافدين وهي تمثل الإرث الحضاري للعراق وحاضره ومستقبله، وهذا كلّه يحتم أن تكون ضرورة لإعادة الحياة الى هذه الشجرة ولإلقاء الضوء وجذب اهتمام المعنيين بضرورة الاهتمام بموضوع النخيل لتأخذ مكانتها التي كانت عليها في السابق، ولتسهم بإعادة الحياة الاقتصادية الى مختلف المناطق وخاصة العراق بعد أن كان من البلدان الأولى المنتجة للتمور، واضمحلت هذه المكانة نتيجة الحروب والظروف الاقتصادية التي رافقتها مما أدى الى اهمال الاعتناء بهذه الشجرة لتتأثر بذلك الانتاجية".
 
أسباب تدهور النخيل
الخبير الزراعي في وزارة الزراعة الدكتور عدنان حميد سلمان يؤكد: "تدني أعداد النخيل في العراق عما كانت عليه في السابق، إذ أن أعداد النخيل وحسب احصائية عام 1952 بلغت 32 مليون نخلة، وبدأ التناقص منذ تسعينيات القرن الماضي بسبب الحروب وشح المياه وامتداد اللسان الملحي الى أن وصلت الى 7 ملايين نخلة عام 2017".
ويضيف سلمان: "تعود أسباب تدهور الانتاج الى الاعتماد على الأصناف القديمة كالزهدي وهجرة الكثير من الفلاحين لبساتينهم، وبذلك فالفلاح والنخيل بحاجة اليوم الى دعم مجدٍ من البنك الدولي للحفاظ على ما موجود، وإلّا فإنّه يواجه خطر التدهور والانقراض كما حصل لبعض الأصناف".
 
بحاجة لجهود وطنية
 وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار الدكتور قيس حسين رشيد يبيّن: "إنّنا ننادي وبصوت عالٍ بضرورة الاهتمام بالنخلة بعد ماعانته من تحديات وتهديدات كبيرة، فالمعلومات تشير الى فقدان العراق 17 مليون نخلة خلال الفترة الماضية، ولهذا فإن على أصحاب القرار الاهتمام بهذا الملف بوصفه من الملفات التي تحتاج الى جهد وطني، هذا مع ضرورة تضافر جهود المواطن ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والوزارات المعنية للنهوض بواقع النخلة العراقية واعادة الاعتبار لها".
 
واجب وطني
ويرى الخبير البيئي الدكتور أحمد صالح نعمة ضرورة الاهتمام بالنخلة بقوله:
"إن التركيز على النخلة واجب وطني مهم، ولا بدَّ من ايصال هذه الفكرة الى أبنائنا، إذ أصبح في العراق قطع النخلة شيء سهل جدا، فعلينا أن نصل الى مستوى فهم عالٍ بأن النخلة كالإنسان قطعها كقتل الإنسان لأن فيها الكثير من الجوانب الأخرى، ناهيك عن أنّها نبتة ولها مردود اقتصادي اقترنت بموروثنا الديني والتاريخي، فضلا عن أن الكثير من اللقى الأثريّة في سومر وجدت فيها النخلة مما يدلل على وجود واهمية لهذه الشجرة دون غيرها".
 
مشاكل وأمنيات
ومن جانبه يقول الفلاح جاسم محمد: "لم تكن الخلة الضحية الوحيدة التي عانت الاهمال بل جميع المزروعات، نتيجة لظروف خارجة عن إرادة الفلاح الذي اضطر لترك أرضه والتخلي عن عمله، ولكن يمكن القول ان النخيل أكثر من  تضرر بهذا الاهمال.
ويوضح: "شح المياه وملوحة التربة ورداءة الاسمدة المتوفرة والادوات الحديثة، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الزراعة والاهتمام بها من قبل الفلاح أدت الى ذلك، وهناك مشكلة أخرى تواجهنا هي إغراق السوق بالمحاصيل المستوردة ومنها التمور وبأسعار زهيدة ماجعل المواطن يقبل عليها غير مهتم بالنوعية والجودة التي تتمتع بها المحاصيل العراقية".
ويأمل محمد: "أن تلاقي الزراعة اهتماما اوسع من قبل المعنيين وتوفير مايلزم بأسعار مدعومة ليتسنى للفلاح ايصالها للمواطن بأسعار أنسب وإعادة الحياة للأراضي الزراعية ولعوائل الفلاحين".
 
خدمات "اكفل نخلة"
أما المؤسسة المشاركة في مشروع "اكفل نخلة" فقد بيّنت آمنة السلطاني : "هذا المشروع يقدم خدمة رعاية نخيل متكاملة مقابل اشتراك سنوي ونسبة من التمور والفسائل، هذا واننا ضمن هذا المشروع نستحصل الاشتراكات من أصحاب الدور والتي تعد زهيدة جدا مقابل الجهود التي تبذل مقابل خدمة رعاية وتكريب وتلقيح العذوق والاسمدة والمعاجلة بالمبيدات". 
وتابعت السلطاني: "ان هذا المشروع لاقى رواجا ونجاحا منقطع النظير بين المواطنين الذين كانوا يفضلون قطع النخيل في منازلهم بدلاً من الاهتمام بها، مؤكدةً أن المشروع سيركز مستقبلاً على نشر الوعي البيئي الثقافي على اهمية وجود النخيل في المنازل، كما نطمح الى الوصول الى الاهتمام بمليون نخلة خلال هذا العام".
 
فؤائد اقتصادية
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي أنور كامل: "للنخيل اهمية كبيرة توازي النفط، فالعراق في السابق كان يصدّر كميات كبيرة من التمور الى الخارج وبأشكال متعددة، أما كتمور خام او بعد تصنيعها وتعليبها، هذا وان العراق لديه أكثر من 600 نوع من التمور تميّزه عن باقي البلدان الأخرى".
ويضيف: "في حال وفرت الحكومة الدعم للفلاح لزراعة النخيل واعادة وضع النخيل الى سابق عهده من حيث العدد والنوعية المتميزة سنضمن فوائد غذائية واقتصادية كبيرة، هذا فضلا عن تفعيل مصانع التمور واستحداث أخرى ضمن المشاريع الصغيرة لكبس التمور وصناعة الدبس والخل وغيرها، ما يضمن الإفادة من التمور وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل".