سجون الفلبين تعاني البؤس والاكتظاظ

ريبورتاج 2019/01/14
...

أورورا ألمندرال
ترجمة: خالد قاسم
يضطر بعض نزلاء سجن مدينة مانيلا الى تطهير البرك الطينية وفتح مربع من الورق المقوى على أرضية من البلاط والاستلقاء في حمام صغير بدون نوافذ وسط ستة رجال ومرحاض. ففي إحدى الليالي داخل السجن وتحديدا العنبر رقم 5، كان الهواء كثيفا ومتعفنا بسبب تعرق 518 نزيلاً محشورين في مساحة تكفي 170 شخصاً فقط.
منذ بدء حملة الرئيس رودريغو دوتيرتي العنيفة ضد المخدرات عام 2016، وسجون الفلبين ازدادت اكتظاظا مما دفع نظام السجون الفلبيني الى قمة تصنيف "ملخص السجون العالمية" في هذا المجال عالميا.
يعد النوم في سجن مدينة مانيلا أثمن شيء ممكن، واذا امتلك النزيل المال الكافي، يستطيع شراء مكان في مهجع صغير ومصطنع يتقاسمه رجلان أو أكثر، مفصول عن الحشود بجدران خشبية رقيقة وستارة.
الحل الآخر هو النوم على الأرض أو ربما الحمام أو على السلّم. أدين عدد قليل من هؤلاء السجناء، ومعظمهم محتجزون ما قبل المحاكمة، لكن كثيرين يمضون شهوراً أو حتى سنوات في السجن لأن النظام القضائي مزدحم جدا.
يعود الاكتظاظ الى سنوات بعيدة، ويفوق عدد المحتجزين الحراس بكثير ولذلك يوجد اتفاق ضمني بين المسؤولين وعصابات السجون صار قانونا سائدا. العصابات غير قانونية من الناحية الفنية، لكنها تساعد في تجنب الانهيار والفوضى وتوسيع موارد السجن الشحيحة لإطعام النزلاء.
يعاني النظام القضائي الفلبيني من نقائص، وهناك ثقافة الرشوة وحوافز هيكلية للقضاة والمحامين من أجل التحرك ببطء، على الرغم من الحق الدستوري بتسريع المحاكمة.
 
اهمال قضائي
أحد النزلاء صبي ترك المنزل بعد خلاف عائلي، وأعتقل في نيسان 2017 بتهمتي حمل سكين والصراخ في مكان عام. كان يبلغ من العمر 15 سنة آنذاك، لكن ضباط الاعتقال سجلوا تاريخ ولادته بطريقة تبين أنه فوق 18 سنة، وأخذ بعد ذلك الى سجن مدينة مانيلا. حلّت قضيته بعد شهرين على اعتقاله عندما طلب المدعي العام اطلاق سراحه بعد اجراء فحص أسنان أثبت أنه تحت السن القانونية. لكن السجن لم يتسلم الأمر النهائي باطلاق السراح من وزارة الرفاه الاجتماعي.
ضاعت قضية الفتى وسط ثقافة اللامبالاة المؤسساتية، ومضى عليه في السجن نحو 20 شهرا وهو أكثر بكثير من الحكم الفعلي بحالة ادانته ويعادل غرامة 4 دولارات أو السجن 15 يوما!. 
يذكر أستاذ جامعي يدعى "ناراغ" أنه أمضى ست سنوات في نفس السجن بدون محاكمة، قبل تبرئته عام 2002. كان ناراغ محاميا وارتقى سلّم عصابات السجن ليصبح زعيم الزعماء، ويقول أن النظام القضائي البطيء والعالم الاجتماعي الدقيق للسجن مترابطان: "تبقى لفترة طويلة داخل السجن فتحتاج الى تطوير آلية تكيف من أجل البقاء على قيد الحياة. وفقا لذلك، ومقارنة مع أماكن مثل الولايات المتحدة فالسجون الفلبينية أصبحت شعبية أكثر وتحولت الزنزانة الى عائلة."
تشكل العصابات تلك العوائل ويعترف المسؤولون بوجود اتفاق غير رسمي لتقاسم الادارة يبقيهم مسيطرين على السجن. 
تواجد ضابط اصلاحي واحد لكل 528 نزيلاً في احدى المناوبات بسجن مدينة مانيلا، لكن حكومة البلاد توصي بنسبة ضابط لكل سبعة سجناء. يقول النقيب جايركس بوستينيرا المتحدث بإسم السجن: "هناك توازن السلم والنظام هنا. رسميا، لا نسمح للنزلاء بفرض النظام على زملائهم. ومن الناحية غير الرسمية، نسمح بذلك بسبب نقص الموارد."
 
صحيفة نيويورك تايمز