لماذا تشرين؟

آراء 2020/10/26
...

 عباس الصباغ
لمن يروم الاجابة عن التساؤلات الكثيرة والملحّة حول الاسباب التي ادّت الى انتفاضة تشرين، نقول له يكاد العراق ينفرد عن غيره انه كان عرضة للتأسيسات  الدولتية المتعاقبة والفاشلة، كونها لم تنبع من طموحات وآمال الشعب العراقي ولم تتوافق مع حاجاته في العيش الكريم، بل لأن اكثرها كانت رد فعل لمصالح القوى الكبرى، فجميع التحولات المفصلية التي غيّرت وجه العراق السيا/ اجتماعي كانت ذات فواعل وديناميكيات اقليمية او دولية ولم يكن للشارع العراقي المغلوب على امره ناقة او جمل، لكنها حملت ارهاصات سلبية، ألقت بظلالها القاتمة على عموم المشهد العراقي، وكان آخرها التغيير النيساني المزلزل (2003)، والاكثر فشلا فيها كونه حمل اوزار التأسيسات الدولتية الفاشلة السابقة له واضاف اليها اوزارا اضافية، مازال  المشهد العراقي يئنُّ من فداحة خطاياها واخطائها التي تمثّل البعض منها بالفوضى الخلاقة التي ضربت كل شيء في هذا المشهد والتي حوّلت العراق الى حقل تجارب لفرض الديمقراطية التمثيلية وفي اسوأ نماذجها، ناهيك عن انتهاج اسلوب الشراكة التوافقية، التي لم يجنِ منها العراقيون سوى الخراب الشامل والفساد الذي استشرى في كل مسامة من مسامات الدولة، وجميع ماتقدّم اخرج العراق منذ تاسيس دولته المعاصرة  عن السكة الدولتية، التي تليق به وضُيّعت الكثير من فرص التنمية المستدامة، فلم يلحق بأبسط دولة من دول  الجوار او الاقليم وهو صاحب الامكانات البشرية والحضرية والمادية الهائلة، ما يمكّنه ليكون في مصاف الدول المرفهة او الناجحة، فحدث العكس فازدادت الاوضاع المعيشية والخدماتية سوءا، بسبب الفساد وهدر المال العام الذي تبخر في جيوب الفاسدين، فازدادت الاوضاع سوءا مع تفاقم البطالة المقنعة لعموم الشعب العراقي الذي يعيش اغلبه تحت مستوى 
الفقر .
ولهذا كان لابد من الانبثاق لتأسيس  دولتي خاص بالعراق ينبع من صميم الواقع العراقي وليس من خارج الحدود وبأجندات مريبة،  جعلت العراق ساحة للصراعات الاقليمية والدولية  البعيدة عن هذا الواقع، فانبثقت انتفاضة تشرين لتعبر عن وعي احتجاجي جديد وعن تطلعات الشعب العراقي التي حُرم منها طويلا، فلا محيص  من  هذا الوعي الاحتجاجي الجديد الذي يعزز مسار الدولة والديمقراطية والمجتمع ويضع الجميع امام مشروعية التغيير ومن بوابة تشرين 
حصرا.