قبل فوات الأوان

آراء 2020/10/31
...

 عباس الصباغ 
يقول المثل الدارج (رب ضارة نافعة) وأي ضرر أكبر من الضائقة المادية الخانقة التي يمر بها اقتصادنا الريعي، ما يكشف عن جملة من الاختلالات الاقتصادية البنيوية فيه، فتجلّى ذلك واضحا في ازمة الرواتب التي عصفت مؤخرا، وفي الحقيقة ان الرواتب هي ليست الخط الاحمر الوحيد في الموازنة، فكلها خطوط حمر، فلم يعد برميل النفط كافيا لتغطية جميع النفقات،
ولكون الرواتب لها مساس مباشر بمعيشة الناس اتضحت حدة الازمة بوضوح، ولكن تبقى مسالة تجاوزها مرهونة بأصحاب القرار الاقتصادي، وذلك عن طريقين الاول هو حسن ادارة الازمة الاقتصادية والعبور للبلد الى بر الامان وباقل الخسائر، والثاني يكون ذلك باستغلال موارد الدولة الاقتصادية استغلالا جيدا، بعيدا عن الاقتراض من اية جهة كانت، وفي الشأن الاقتصادي العراقي تعددت الكثير من الحلول لتجاوز هذه الازمة التي يبدو أنها ستكون طويلة، ومن هذه الحلول المطروحة(نظريا) تعظيم الموارد المرادفة للنفط، كالزراعة والصناعة والاستثمار وتنشيط الصناعات الاستخراجية والسياحة، لاسيما الدينية منها، فلا بدّ من تضافر جميع الجهود، لاسيما التشريعية من أجل تعظيم موارد الدولة، وعلى المستوى الراهن تبرز مسألة الاقتراض العاجل كحلٍ مؤقتٍ في حال تمرير قانونه بسلاسة مريحة.
ونأمل أنْ تكون الورقة البيضاء، التي طرحها السيد الكاظمي خريطة طريق بعيدة الامد للخروج من نفق الازمة المعتم وانقاذ الاقتصاد العراقي المنهك من الافلاس، لاستمرار الاعتماد على برميل النفط وحده، والذي لم يعد مأمونا بما فيه الكفاية لتغطية نفقات الموازنة، وذلك بالدخول "الخجول" للاقتصاد العراقي، ولاول مرة الى رحاب اقتصاد السوق والابتعاد قدر الممكن عن احتكار الدولة للاقتصاد وعدم تمركز الفعاليات الاقتصادية بيدها، والأهم من ذلك هو التحرر من الريعية النفطية، التي كبّلت الاقتصاد العراقي وذلك بانعاش القطاع الخاص الميت سريريا، فالعراق ليس بلدا فقيرا، بل غني في جميع موارده البشرية والثرواتية والحضرية وامام الاقتصاد ثلاثة حلول للخروج من الازمة اولها الاقتراض المؤقت (وقد يكون دائميا) والثاني تعظيم موارد الدولة وهي كثيرة ووفيرة ولله الحمد، والثالث هو الدخول التدريجي في اقتصاد السوق والذي قد تكون الورقة البيضاء جسراً ستراتيجياً لذلك وقبل فوات الأوان.