مؤسسة لردّ المظالم

آراء 2020/11/08
...

  علي شايع
 
 
قيل قديماً:»اتّسعت في الصبر طرق المظالم».. كلمة موجعة، فالذين صبروا على الظلم، يمرّ عليهم زمن أشدّ وحشة، يوم يُركنون الى هامش النسيان بانتظار الفرج. أمس، شاشة إحدى الفضائيات بثّت تقريراً عن نساءٍ أرامل مهمشات ومنسيات، منهن من لا تجرؤ على المراجعة الرسمية، وأخريات أحبطهن يأس السنوات والهمّ المبكّر، قضية كلّ واحدة منهن تستحقّ التفاتة وعناية إنسانية من لدن الدولة.
صرخات ونداءات قليلة تمنّ بعض الفضائيات ببثها!، والمؤسف أن يكون معظم هذا البث بحثاً عن مواضيع لجذب المشاهدين، حتى تجد أن صاحب قضية ومظلومية ما تستبق جهة إعلامية بطرح قضيته، فتتوالى التغطيات لمظلوميته، ويصبح نجماً شعبياً عبر وسائل التواصل!، وكأن من سلط الضوء على المشكلة أولاً، اكتشف شيئاً فريداً، في وقت يعاني آلاف مثل معاناته وما زالوا طيّ النسيان ولا يذكرهم 
ذاكر.
بالطبع سيعيش ويفنى أناس كثر دون أن يصل إليهم أحد، وتلك مأساة وجدت الدول الحيّة حلولها عبر استحداث ديوانٍ للمظالم، وبسلطة عليا تتابع الإعلام وتقرأ الصحف!، وتتلقّى شكاوى المواطنين وتتفاعل معها مباشرة، لتفادي ما يعرقل معالجة الشكاوى بسبب روتين الدوائر وبيروقراطيتها. ويكفي هنا أن يعرض المواطن لشكواه برسالة موجزة، وإن لم يستطع فيكتب عنوانه ووسيلة التواصل معه، والباقي يتكفل به ديوان 
المظالم.
يؤخذ على حكوماتنا السابقة عدم التشريع لردّ المظالم، ومقترح تشكيل مؤسسة مستقلّة سيبقى قيد المحنة الإدارية والتنفيذ الفاعل، أملاً مؤجلاً، فربما تكون لكلّ عراقي مظلمة يتمنى عرضها على سلطة تمتلك مسؤولية في مراقبة تطبيق القوانين، وفي التفويض والإنصاف، وتدارك الأخطاء، ومناصرة المتظلّم؛ تجنباً ودفعاً للتعسف وسوء استغلال السلطة أو جورها أحياناً!، وتكون لها وظيفة مكملة للنظام القضائي العام ورسالته بتحقيق العدالة.
وجود هيئات رقابة القانون لا ترتبط بالبلدان المشهود فيها تراجع الحقوق، وكثرة المظالم، فهذا النظام متبع في البلدان الأوروبية، وموكلٌ لمؤسساته الاعتبارية مسؤولية رقابة وتعقب الجهود الإدارية للدولة، محققاً أهدافه بامتياز مشهود، صارت أعرافه وآليات عمله قيد تقليد وإتباع عالمي. ضرورة هذا النظام في دولتنا سيمنحها إنسانية وعدلاً لقدرة مستحقّة، فالظلمُ من ذي قدرةٍ
 مذمومُ!.