ما لم تقله الورقة البيضاء

آراء 2020/11/08
...

 محمد خضير سلطان
 
 
تسعى الورقة البيضاء التي قدمتها الحكومة الى مجلس النواب الشهر الماضي الى إصلاح الوضع المالي في البلاد، وتوسيع دور الدولة في تنظيم الاقتصاد المستدام وتحسين أداء المؤسسات والقطاعات الخدمية العامة،
وبعيداً عن الجدل الآني  الذي أحدثته هذه الورقة الإصلاحية في مجلس النواب والطبقة السياسية، يتفق معظم المراقبين والباحثين في الشأن الإصلاحي العراقي بأنها، أي الورقة البيضاء، تمثل قراءة دقيقة للشكل الريعي لاقتصاد البلاد وعمليات تحويله الى نظام تكافؤي ومتوازن بين القطاعات العامة والخاصة وإجراء التحسينات الجذرية في تشكيل بناه الاساسية، ولكن ربما القول، في ما لم يكتمل في نص الورقة الإصلاحية، هو نظامها السياقي أو التواصلي حسب تعبير المنهاجيات الحديثة، بمعنى أن الورقة التي تُصلح الاقتصاد والمال والأعمال، ستواجه حتماً عقبة التعبير عن نفسها بلغة وثقافة جديدتين، فاذا كانت الورقة البيضاء حسب ما جاء في نصها، تسعى الى إعادة تعريف الدولة، وذلك لايتحقق إلا عبر اللغة الثقافية التي تتحدث بها، وإعادة التعريف للدولة ومهامها الاقتصادية لا تنفصل عن البعدين الثقافي والسياسي اللذين، يشكلان مع البعد الاقتصادي، الفضاء الاجتماعي بشكل أعم،
إذن..  فالرؤية التواصلية الجديدة، تجزم بان إصلاح الاقتصاد لا يتكامل إلا بالاصلاح التعبيري الثقافي والسياسي، مثلما الاصلاح التعبيري السياسي لا يعدو  أن يكون شيئا دون البعدين الثقافي والاقتصادي، وهكذا،
في المقابل فقد استكملت خلية الطوارئ للإصلاح المالي مهامها وفقا لاختصاصها بانتظار الصيغة التكاملية للاصلاح عموماً، ولن تظل مقتصرة على الاقتصاد ما  لم تستتبع الورقة بخلية طوارئ نحو بياض ثقافي وسياسي.
وتبعاً لما تقدم فان الورقة الثقافية، تحتاج الى تفسير وتقنين الخطاب الاقتصادي والإصلاحي مثلما تسعى الى دعم الحدث الإصلاحي بلغة، ترتقي الى مستواه وتأثيره في المجتمع، كما تحتاج الورقة الثقافية الى تكريس جماليات الإصلاح في الإعلام والأدب والفن.
على هذا الأساس، كيف يواجه الإصلاح المالي والاقتصادي بعده الثقافي في سياق الخطاب الاعلامي التقليدي والفولكلوري والشعبي والاعتقادي، وكل هذه المظاهر، فضلا عن  ان الاقتصاد بحاجة الى تأطير وتقنين الدولة وإطلاق تعريف ممكن في خضم الفعالية المجتمعية، أو كيف سينعكس على التعبير في اللغة والإعلام والثقافة، أ ننتظر ان يحلّ الاصلاح المالي ليكتشف لغته في ما بعد، أم سينشأ الاصلاح التعبيري اللغوي مرافقاً وموازياً لما يجري من إصلاحات؟.