ما الذي حصلت عليه الصين من الانتخابات الأميركية؟

بانوراما 2020/11/09
...

إيشان ذرور
ترجمة: خالد قاسم
هل نتذكر عندما كان فيروس كورونا ينتشر بسرعة كيف بدت لحظة “تشرنوبل” الصينية؟ كانت تلك عبارة مجازية أطلقها بعض الخبراء الأميركيين والصقور المعادين للصين في المراحل الأولى من الوباء، عندما بدا أن التغطية الأولية للحكومة الصينية على انتشار الفيروس ستكون لها عواقب عميقة ضد النظام السياسي هناك، ويبدو أن بكين احتوت الأزمة بعد ثمانية أشهر على حدوثها وعادت الحياة الى طبيعتها في مدينة ووهان؛ نقطة انطلاق الوباء، وتجمع الآلاف بحفلات صاخبة في المدن المائية من دون ارتداء كمامات عند شاطئ نهر يانغتسي.
 
في الوقت نفسه، صار الوباء أكثر من كارثة للديمقراطيات الغربية، خصوصا الولايات المتحدة التي تقود العالم من حيث عدد وفيات الوباء واصاباته، وكشفت معركة واشنطن مع الوباء الأمراض المصاحبة الشرسة، في بلد تمزقه الانقسامات الاجتماعية الاقتصادية العميقة ونظام سياسي مستقطب وغير فعال. ودفعت المخاوف من الفيروس ونظريات المؤامرة بشأن موثوقية الاقتراع بواسطة البريد عدة خبراء للقلق من نزاهة الانتخابات الرئاسية، محذرين من أزمة دستورية غير مسبوقة. 
حتى قبل ظهور الوباء كانت هناك وجهة نظر في الصين ترى أميركا قوة آخذة في الضعف لا محالة، أما الآن فيعتقد مسؤولو الحزب الحاكم وأكاديميون بارزون أن ما يحدث في أميركا هو جزء من تسارع الانحدار الأميركي.
كان الرئيس دونالد ترامب (الذي خسر الانتخابات الاسبوع الماضي) يعد محفزا رئيسا لذلك التسارع، وفقا لعدد من القراءات الحديثة للمقالات الصينية وخطابات الحزب لعلماء صينيين مقيمين في أميركا، ويناقض ذلك اصرار البيت الأبيض على أن فوز جو بايدن (الذي اعلن رسميا فوزه بالانتخابات) سيخدم الصين بعد أربع سنوات من المواجهة الشرسة لإدارة ترامب. بدلا من ذلك، ونتيجة لسياسة دونالد ترامب الدبلوماسية العدائية، تنتقل الولايات المتحدة من مرحلة الانحدار الى الانحدار السريع، كما تقول صحيفة حكومية 
صينية. 
 
رؤية مستقبلية
يرى البعض أن سيطرة الصقور على واشنطن علامة على الضعف وليس القوة. ويقول روش دوشي من معهد بروكنغز: “الى جانب الثقة بانحدار الولايات المتحدة ظهر بعض القلق من أن أميركا متراجعة ستتعرض للهجوم بطرق خطيرة. 
وانعكست هذه الرؤية بخطابات الرئيس الصيني ووثائق بلاده الرسمية التي تحذر من تطويق وتقييد ومواجهة وتهديد أميركا” ويظهر أيضا بتقييمات بكين لترامب، اذ تراه يقدم منافع بعيدة المدى للصين على حساب مخاطر عالية قصيرة 
المدى.
لقد تسبب اطلاق ترامب حربه التجارية ضد الصين وتحركاته لمعاقبة مسؤولين وشركات تكنولوجيا صينيين بمضاعفة بكين جهودها. ويذكر باحث صيني أن الوطنيين الصينيين يلقبون ترامب “باني الأمة” لأنه طور فهم الصين لصفة النفاق الأميركي وحشد الناس حول علم بلادهم، ويعتقد أن أميركا تشبه أسرة مينغ التي حكمت الصين مطلع القرن 17 فهي تمسك بقمة السلطة وتتحكم بالقوانين لكنها فاسدة من 
الداخل.
لكن الأستاذ “إيريك لي” من جامعة فودان ابتكر أنموذجا تاريخيا أكثر حداثة ويشبّه الولايات المتحدة بالاتحاد السوفيتي الذي عانى خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، ووصف الولايات المتحدة بأنها تقف وسط خضم صراع وجودي بين شخصين عجوزين يقتربان من الثمانين من العمر، في اشارة للانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو بذلك يستذكر الزعماء السوفييت السابقين ليونيد بريجنيف، ويوري أندروبوف، وقسطنطين تشيرنيكو.
بصرف النظر عن روايات التراجع الأميركي، هناك واقع لا مفر منه وهو إن بكين تبقى قوة ناعمة صغيرة على المسرح العالمي، وتنظر دول كثيرة اليها بنظرة حذر وسلبية. ويأمل الرئيس الصيني وحلفاؤه أن خسارة ترامب ستعمق من حالة الاحباط المحيطة بالولايات المتحدة.
 
صحيفة واشنطن بوست الأميركية