دار الأزياء العراقيَّة تقيم مؤتمراً عالمياً بـ 1300 مشارك

ريبورتاج 2020/11/10
...

  ذوالفقار يوسف
 
بالمقاومات المعنوية والهام ملكة الجنة عشتار، تربعت الافكارعلى عرش الاصالة، كوكبة من القلوب العظيمة، وبجواذب لا تقاوم تكاتفوا لدحض السكون، فهم قبل ذلك ابناء الحضارات التي اجادت صنع الجمال، وبحب انيق الهالات استطاعوا أن يجمعوا انفسهم تحت مسمى الانتصار، ليقولوا كلمتهم الابدية، لا شيء سيوقف تطورنا، وان جمال بلاد الرافدين يكون كما عهدناه اسطورياً.
بهذه القوة التي امتزجت بلون الاناقة قامت الدار العراقية للازياء ومكملاتها  بمهمة تعريف تراث العراق لكل العالم، للوصول الى غاية تحقيق المستحيل.
اذ اقامت دار الازياء العراقية مؤتمراً عالمياً يضم العديد من الشخصيات في كل المجالات، هدفه احياء التراث والفولكلور الشعبي لحضارة وتاريخ العراق عبر العصور، ورغبة من الدار بابراز اهمية هذا التراث والوصول به الى اكبر رقعة جغرافية من العالم.
 
بداية الألق
بقوة عراقية قائدة، استطاعت مدير عام دار الازياء الدكتورة ابتهال خاجيك تكلان، بعد أن التمست القوة الناعمة في دار الازياء ودراسة الاوضاع العامة، ومشكلات البلد في ظل ازمة جائحة كورونا والضائقة المالية التي يعاني منها الجميع، أن تؤسس فكرة ترافقت مع مرور الذكرى الخمسين لتأسيس الدار العراقية للازياء، اذ اقتضى الامر بسبب الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي بجعله مؤتمراً من خلال المنصات الالكترونية، تطل علينا الدكتورة مدير عام دار الازياء العراقية ابتهال خاجيك تكلان لتحدثنا عن هذا الالق وتقول: "منذ قدومي الى الدار ومع مزامنة الوباء لاستلامي هذه المسؤولية وجدت بعضاً من الجوانب لم تعطى لها احقيتها في الاهتمام، لذلك كان لا بد من التحرك للانتاج".
اذ ان عمل الدار يتطلب التقارب والتماس من ناحية عروض الازياء واقامتها في ظل هذه الازمة العالمية، رأت الدكتورة ان هذه الاعمال ستتوقف، وعشاق الازياء سيغادرون الدار، فحزمت القوة والاصرار حتى لا يضيع هذا المكسب الرصين الذي تحت رعايتها.
واكدت " كان لا بد من التفكير خارج الصندوق، ولا بد من التخطيط، لهذا آثرت أن افتح آفاقاً جديدة مراعاة للظروف الراهنة، من خلال مؤتمر علمي ثقافي عالمي يسلط الضوء على انتاج الدار، وعلى حضارة وادي الرافدين".
و توضح الدكتورة تكلان بأنها بادرت بكتابة مطالعة الى وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم، وتمت الموافقة عليها باعجاب ما جعلها تبدأ بالعمل، اذ بدأت التحديات الاولى بكيفية اختيار الفريق، لان الدار تحتوي على الكثير من الفنانين وتخلو من المختصين والاكاديميين في الجوانب العلمية، وبينت "عندها توجهت الى الجامعات وتفاجأت باستقبالهم  لي بشكل رائع، فالجميع ابدوا اعجابهم وساندوني وباعداد كبيرة، وبدعم من شخصيات ورموز".
 
أربعة محاور
استطاعت الدار أن تراعي الوضع الاقتصادي للبلاد، لذلك منذ أن بدأ المؤتمر الى أن انتهى، لم يكلف الوزارة والدار نفسها اي مبلغ، اذ كان التنفيد من خلال حملة تطوعية نسوية متخصصة في الازياء والانسجة ومكملاتها من داخل العراق وخارجه، من مصممين ومصممات ودور عرض الازياء، لاكثر من 50 جهة داعمة، من جامعات محلية وعربية ودولية.
وتوضح الدكتورة ابتهال "تم اطلاق الكراس الخاص بالمؤتمر "البروشور" في يوم 9/ 1 الى يوم 11/ 1، اذ كان الوقت المحصور بين هذين الفترتين هو تجميع الكفاءات وتقييم البحوث والمشاركات، وكيفية كسب وجذب المشاركين لهذا المؤتمر، اذ كانت هناك دهشة عند طرحنا الفكرة للمشاركين". 
 ان المؤتمر كفكرة مبتكرة وجديدة جعل العمل متواصلاً، اضافة الى التثقيف والترويج من قبل العديد من المشاركين في داخل البلد وخارجه لفكرة المؤتمر، وتؤكد " لا انسى دور الكثيرين بنهضة هذه الفكرة واكتمالها".
ان للمؤتمر اربعة محاور مهمة مختصة بالتراث والفولكلور والتسويق له، ويتحدث المحور الاول عن الانسجة والازياء عبر العصور القديمة، اما الثاني فعن الحلي وصناعتها على ضوء نتائج التنقيبات الاثرية في العراق، وتحدث الثالث عن تسريحات الشعر واغطية الرأس عبر العصور، اما المحور الرابع فتحدث عن الدار العراقية للازياء ودورها في احياء وحفظ التراث الحضاري العراقي.
وتضيف تكلان " تم تشكيل لجان تنظيمية عليا، وتم الترويج لمفردات ايجابية عكس ما عهدناه عند التحدث عن العراق، تحدثنا فيها عن الجمال والمحبة والسلام والعمل التطوعي، فضلاً عن النساء وتعنيفهن وتهميشهن بما يكفي، ليطلقن الطاقة الكامنة التي لديهن". 
 
منبر المرأة
اقتضى الهدف الاسمى للدار ابراز المرأة القائدة، وتفعيل دورها في المجتمع، لكونها متمكنة ولديها الطاقات اللازمة للانتاج، لذلك كان التعاون بين النساء في هذا المؤتمر العالمي بقمة نشاطه، اذ اكدت الدكتورة ابتهال أن " السعادة الحقيقية عندما احتاج لاعادة في احد الاعمال، او اكلف احدا ما باعادة كتابة توصيات او غيرها، فاجدها قد تمت بسرعة منقطعة النظير".
استطاعت الدار انجاز هذا المؤتمر بحضور 1300 من اكاديميين ومختصين من المشاركين، وبـ(75) من البحوث، اما عدد الدول المشاركة فبلغ (25) دولة عربية وعالمية وبـ(50) جهة مشاركة ومن مختلف الدول، فقد شاركت مصر والسعودية والاردن والسودان وسلطنة عمان والمغرب والجزائر وتونس وفلسطين وسوريا واليمن.
فضلاً عن فرنسا والسويد وبريطانيا والمانيا وماليزيا وشمال افريقيا وروما واسبانيا وكندا وسويسرا وروسيا ولندن. 
وتؤكد الدكتورة تكلان " ان الازياء سفارة وسفير لبلدانها، لذلك وبعد التأكد من عدم وجود مؤتمر عالمي عنها، قمنا باعداد فكرة المؤتمر لغرض تنشيط  نوع من السياحة الثقافية الافتراضية".
اذ اضفى تواصل عراقيي الداخل مع عراقيي المهجر  للمؤتمر نكهة من نوع خاص من التعاون والتآلف، وكما تبين الدكتورة ابتهال " ان التنسيق وعامل التشويق من منطلق الازياء، الذي يعد الموضوع الاقرب لمختلف الشعوب، لكونه هوية وارثاً وتاريخاً، وهناك تلازم بين الانسان والازياء ومكملاتها منذ الصغر وعلى مر العصور، ما يجعله الموضوع المحبب للجميع والقريب
 لنفوسهم".
 
نجاح المؤتمر
الدكتورة والخبيرة بالآثار فوزية المالكي والتي كان لها الدور البارز في اقامة هذا المؤتمر توضح "كان لنجاح المؤتمر صدى اعلامي وجماهيري في العراق والوطن العربي، وخير دليل على ذلك الحضور غير المسبوق لمؤتمرات "اون لاين" والذي هو من النوع الذي يتذوق الفن والازياء والحضارة، اذ تداولت معظم الفضائيات العربية والعراقية اختتام اعمال المؤتمر بنجاح ساحق، من حيث التنظيم والاعداد وحسن ادارة جلسات المؤتمر ورصانة البحوث العلمية والفنية، وعروض الازياء المتنوعة". 
اما مدير قسم العروض في الدار المخرج ارا يسايان فبين "تم تكليفي من قبل المدير العام للدار الدكتورة ابتهال خاجيك تكلان، بإعداد واخراج افلام وثائقية وشهادات من شخصيات مختلفة عن الدار، واغتنام الفرصة لعقد مؤتمر عالمي، ولالقاء نظرة على هذه المؤسسة العريقة، ودورها الريادي في استلهام القيم الحضارية، وتوظيف التاريخ بازياء تحكي قصة تلك الحقب، وبدوري جاهدت لساعات وأيام طوال وبجهد استثنائي لإخراجه بشكل الذي يعطيه مكانته ووصفه في المؤسسات الثقافية، وقد ضمنته عروضاً للازياء  قدمت في المحافل العربية والدولية والمحلية لمدى خمسين عاماً، وكذلك تطرقت لانجازات الدار في الوقت الحاضر ولخططها المستقبلية، اما في المستقبل القريب فلدي أعمال اخرى من إعدادي واخراجي، تتضمن افلاماً وعروض ازياء واوبريتات مع الدار العراقية 
للازياء".
 
احياء التراث العراقي
تظهر الأزياء أهمية الهوية، كاحد الإشكاليات الملحة للتعبير عن أصالة الشعوب وعمق فاعليتها في التراث الإنساني، هذا ما اوضحته الاستاذة الجامعية الدكتورة رجاء خليل الجبوري كمشرف عام على المؤتمر مبينة "إن التعمق بدراسة الأزياء والأنسجة ومكملاتها والخاصة بحضارة وادي الرافدين، واستنباط السمات العامة لكل زي، وإعادة تشكيله وصياغته في صورة زي معاصر يتناسب والفئات المختلفة للمجتمع، ويحافظ على الذوق العام، هو من الأهمية الكبيرة لإبراز التراث والحفاظ عليه وتطعيمه بالمعاني والقيم الأصيلة التي نشأنا عليها، وإكسابه نكهة الماضي، وإظهار الأصالة والأعراف والتقاليد المتبعة لكل بلد في تصميمه، فيسهل على كل باحث ومتذوق للتراث التعرف والوصول لمفردات الزي ببساطة ويسر". 
انطلق المؤتمر العالمي الأول للازياء برعاية معالي وزير الثقافة والسياحة والآثار والدار العراقية للازياء، لإلقاء الضوء على هذا الجانب الخفي وإبراز جماليات الأزياء لحضارة وادي الرافدين وخاصة للدار العراقية للازياء، سفيرة الإرث الحضاري والتراثي للعراق في العالم، لا سيما أنه انطلق بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الدار. 
وتضيف الاستاذة الجبوري "يعد هذا المؤتمر من النماذج الريادية لاحياء التراث العراقي واطلاع العالم على حضارة بلاد وادي الرافدين وثقافتها عبر العصور، وهو انعكاس لثقافة الانسان العراقي وتذوقه للأزياء المختلفة، اذ تضمن المؤتمر اختيار البحوث المميزة منها، فالمؤتمر قام بمبادرة تطوعية وجهود ذاتية للجان المؤتمر والتي كانت اغلبها من النساء الرائدات".
وتردف الدكتورة رجاء " كان الهدف من المؤتمر أن نظهر للعالم أن المرأة قادرة على بناء مجتمع مثمر وبنّاء، اذا منحت لها الفرصة لتسلط الضوء على الجانب الإيجابي الحضاري والثقافي من قوتها".