حال ما اعلنت الحكومة المحلية في محافظة نينوى الشروع بأعمال وتأهيل مشروع حمامات المياه المعدنية في ناحية حمام العليل الواقعة 20 كم جنوب الموصل، اعادت معها الحياة في نفوس سكان المدينة، بسبب اعادة اعمار هذه الحمامات المعدنية، والتي يقصدها الموصليون اسبوعيا للاستحمام من اجل الشفاء الذي يلقونه في هذه المياه، التي تشفى المرضى المصابين كعلاج رباني لهم.
أصل التسمية
سميت هذه الحمامات بـ"العليل" نسبة الى المياه الكبريتية التي تشفي العديد من الأمراض الجلدية، وكذلك تيمنًا بمياه الينابيع التي تشفي العلل، علما بأنها تُسمى بعين القيارة، وحمام علي، وقد سماها الرحالة تافرنيه بالحمّامات الحارة، كما ذكرها ياقوت الحموي في معجمه بصيغة حمام علي نسبة لاصطلاح أهل الموصل في تسميتها، وأضاف بأنها تقع بين الموصل وجهينة قرب عين القار غربي دجلة، وذكر بأن بها منافع نسبة لأقوال أهل الموصل عنها، وفي السياق نفسه تحتوي هذه المدينة على ثلاث عيون، هي عين زهرة وعين فصوصة وعين الصفراء، ويتميز ماؤها الكبيريتي برائحته الشديدة.
معالم بارزة
تعد حمامات العليل من المواقع التراثية والأثرية، التي جعلت من مدينة حمام العليل وجهةً سياحية،ً فهي تحتوي على بعض المعالم الأثرية كتل السبت بسطحه الفخاري، وكانت تُنسب إليه خرافة شعبية تفيد بأن الصعود على هذا التل يعجل من زواج الفتيات، ومن ناحية أخرى فهي واجهة علاجية يرتادها العديد من الأفراد، فمياه الينابيع المعدنية في هذه المنطقة تُسهم في علاج الأمراض الجلدية والتقرحات، إلى جانب دورها في علاج الأمراض الباطنية نظرًا لمحتواها من المعادن المذابة، إضافة إلى الكبريت، التي تدخل جميعها في تحضير الأدوية الكيميائية التي تعالج بعض الأمراض المزمنة كالروماتزم وكذلك الجرب والأكزيما والحساسية.
الشروع بالإعمار
يقول مدير ناحية حمام العليل خلف خضير الجبوري في تصريح لـ(الصباح) إنَّ"الفرق الهندسية في بلديات نينوى وشركتي الفاو السعد الهندسيتين، أحد ابرز شركات وزارة الإعمار في العاصمة بغداد، شرعت اليوم بإعمار الحمامات المعدنية في ناحية حمام العليل، بعد خروجها عن الخدمة بسبب العمليات العسكرية في الناحية منذ ما يقارب الأربعة
أعوام".
وأضاف الجبوري أنَّ "الشركات الهندسية شرعت العمل بالإعمار بعد تخصيص مبالغ لها ضمن الـ15 مليار دينار الذي خصصتها محافظة نينوى لاعمار الاقضية والنواحي عن قيمة مبالغ الـ40 مليار التي تسلمتها الحكومة المحلية من الحكومة الاتحادية الاسبوع الماضي".
وتابع الحبوري أن "بلديات نينوى كانت قد انتهت من رفع الانقاض عن مجموع الحمامات المعدنية والبالغة نحو 10 حمامات موزعة بين الناحية، اذ تتميز هذه الحمامات والتي تبعد نحو 30 كم جنوب مدينة الموصل، بعيون المياه الساخنة لدرجة الغليان صيفا وشتاء، وتسحب المياه من العيون الموجودة قرب نهر دجلة، وهي عبارة عن حمامات مائية كبيرة على شكل حوض، ومقسمة إلى قسمين: حمام العليل للرجال، وحمام العليل للنساء الباطنية، وتعد علاجا ناجحا لكثير من الأمراض المزمنة كالروماتزم وبعض الأمراض والطفوحات الجلدية كالجرب والأكزيما والحساسية، لاحتوائها على الكبريت ومجموعة من المعادن التي تدخل في صلب صناعة الأدوية الكيميائية المعالجة لهذه الأمراض".
يعود تاريخ هذه الحمامات المعدنية لأكثر من 800 عام على الأقل، وتعد من أكبر ينابيع المياه المعدنية في العراق وأكثرها غزارة، وسميت الناحية بناحية حمام العليل تيمنا بمياه الينابيع التي تشفي المرضى، حسب الجبوري، حيث شيدت الحكومة العراقية حماما للمياه المعدنية في الناحية عام 1983 على مقربة من الينابيع الطبيعية، ومنذ ذلك الحين تستقبل الحمام الزائرين الذي يرومون الاستمتاع بمياهها الحارة العلاجية.
موقع سياحي
وكانت حمام العليل تستقبل آلاف السياح سنويًا، إلا أن ذلك تراجع بنسبة كبيرة بسبب ظروف أمنية أثرت سلبيًا فيها، فضلا عن تاثيرها في النشاط الزراعي وإلاعمار والبناء، لكن عام 2006 كان عامًا أُنعشت فيه المدينة بإقامة العديد من المشاريع الخدمية والبنى التحتية والمدارس، وكذلك إنشاء وتأهيل العديد من مجمعات المياه الصالحة للشرب إلى جانب إيصال التيار الكهربائي، ومد شبكات المياه والمجاري وتبليط عدد من الشوارع المهمة وإنشاء قنطرتين لمرور مياه الري وغيرها.
اذ تعد مدينة حمام العليل أكبر ينابيع المياه المعدنية وأكثرها غزارة في العراق، لكن الأحواض المعدنية والأنابيب فيها تعاني من الاهتراء والتآكل إلى جانب الصدأ الذي أتلفها مع الوقت، وذلك نتيجة الإهمال، أما ما تعانيه الينابيع الطبيعية، فحكاية أخرى حيث إنها تحتاج إلى صيانة، ولا ننسى الجدران والأسقف ذات الملامح السوداء، والافتقار للخدمات الأساسية، وبالتالي فإن كل هذا قد لعب دورًا في التقليل من أعداد السياح بشكل كبير، على الرغم من تميز هذه المياه بسخونتها في فصلي الصيف والشتاء.
ويقول المواطن علي احمد (40 عاما) من سكنة ناحية الحمام ان "اغلب سكان الناحية أعادت لهم الفرحة عند سماعهم خبر اعمار الحمامات المعدنية واعادتها للحياة مجددا، حيث ستكون هناك عودة مجددا للسائحين، فضلا عن قصد سكان الناحية هذه الحمامات، التي غادرتهم منذ ان سيطرة عصابات داعش الارهابية التي شاركت بتفجير هذه الحمامات وحرمت سكان الموصل منها، تحت ذرائع وأكاذيب وهمية، الا أن هذه الحمامات تعد بالنسبة لسكان الناحية هنا بالطبيب والعلاج الفوري، لما لها من قدرة شفاء وتعقيم يجدها المواطن عند استحمامه بهذه المياه الربانية".
اما سالم البدراني (٦٠ عاما) فيرى أن "عودة اعمار هذه الحمامات المعدنية ستسهم في ارتفاع الجانب الاقتصادي داخل الناحية بعد تدهوره جراء اختفاء السائحين والزائرين من سكان الموصل، كما سيسهم في توفير فرص العمل لاكثر من 3000 شاب في هذه الناحية التي تشهد ارتفاعا كبيرا بالبطالة جراء غلق هذه الحمامات بسبب تدميرها، اذ ان هناك تطوعا خيريا من قبل أغلب شباب الناحية برفع الانقاض والمساعدة في مجال الاعمار، من اجل الاسرع بعودة الحياة الى هذه الحمامات والعمل بها مجددا".