اعتماد العراق على النفط منذ تأسيس الدولة العراقية وتوجيه وارداته لشراء الاسلحة والمعدات الحربية وإهمال الجوانب الاقتصادية الأخرى وعدم خلق تنمية مستدامة متطورة، اصابت جميع نواحي الحياة بالشلل ومنها الزراعة التي اصابتها بمقتل .

بسبب هذا الإهمال اصبحت تسمية العراق الذي كان في ما مضى يسمى ارض السواد او من دول الهلال الخصيب تكاد تكون نكتة سمجة عند ذكر تلك التسمية .

ازدياد الملوحة وزحف التصحر والتعرية على ما تبقى من الأراضي الصالحة للزراعة وعدم الحد من هدر المياة والاستفادة منها ببناء السدود لخزن المياه وإهمال الريف وهجر الناس الاراضي الزراعية ، جعت العراق مجرد مستهلك يستورد معظم منتجاته الزراعية من الخارج، بينما لو تم استغلال مالدينا من اراض لكانت وارداتها تزيد عن واردات النفط.

الآن هناك محاولات من الحكومة لاعطاء اراض صحراوية متروكة للاستثمار وهي بحد ذاتها خطوة كبيرة بالاتجاه الصحيح إذا رافقتها بعض الإجراءات التي تضمن حق العراق وتزيح الخوف والغموض من قلوب المشككين .

الاستثمار سيكون في المناطق الصحراوية اي في خزان العراق الرئيس من المياه الجوفية وكميات هذه المياه قابلة للنفاد وتقل مستوياتها بشكل كبير عند استخدامها بشكل مفرط،  يجب أن تنتبه الدولة لهذا الجانب وتكون هناك شروط ومراقبة لاستخدام المياه ونوعية النباتات التي تزرع في تلك الأراضي بألا تكون من النباتات التي تستهلك كميات كبيرة من الماء.

الاستثمار الزراعي يجب ألا يؤثر في صغار الفلاحين وان تكون الاولوية لهم بالدعم بالاسمدة والمبيدات والبذور وفتح الاسواق وتسويق المنتجات واستمرار المنافسة.

الغاية الرئيسة من الاستثمار هو إيجاد فرص العمل لأبناء البلد، لدينا الآلاف الشباب من مهندسين زراعيين متخصصين بالإنتاج الزراعي والحيواني والمكننة يجب ان تكون الاولوية لهم للعمل في الاراضي المستثمرة وإلا لن تكون هناك فائدة للاستثمار .

الانتاج الزراعي والحيواني من تلك الاراضي يجب أن يغطي حاجة السوق العراقية والفائض فقط يسمح بتصديره حتى لا تكون هناك شحة بالمواد الزراعية في الأسواق.

إن الخوف والتشكيك غير مبررين في كل خطوة تتخذها الحكومة، إذا كانت جميع جوانب المشروع مدروسة بشكل جيد ومن يعارض عليه أن يأتي بالبديل الأفضل ويطرحه امام الناس .