علي شايع
أستبقُ الوقائع مفترضاً قول لائم: أنت بطران!، أيّة آثار وحضارة تتحدث عنها، وماذا أردت بهذا مثلاً؟!،
فمشكلات البلد لا تعدّ ولا تحصى، وأولى بك، ثم أولى، أن تبحث- الآن تحديداً-عن مصدر مادي يدرّ الأموال للخلاص من الأزمة الاقتصادية، فالثروات التاريخية المعنوية لا تسمن ولا تغني من
جوع!.
بالطبع الثروات التاريخية ليست إرثاً تشريفياً فحسب، بل هي من الأرصدة والكنوز المنتجة إن استثمرت بشكل صحيح، سعياً لتعظيم موارد البلاد ومداخلها الاقتصادية. وللأسف صارت هذه الثروات نهباً سهلاً،
تحتاج الآن عملاً مدروساً لاستعادتها واستثمارها، والمهرّب منها خارج البلد سيبقى جزءاً من ميراثه وثروته، وإن أي مردود مادي ينتج عنه لا بدّ أن يكون تحت تصرف الأيدي العراقية أو بإذن منها.
بالتأكيد لدى الجهات المسؤولة اليوم معلومات عن البلدان التي وصلتها آثارنا المهربّة، وعن نوعية الآثار المسروقة، وبالأخصّ ما كان مسجلاً وموثقاً، وعليه فإن تتبعها أمر ميسور نسبي، أما ما لم يكن منها مسجلاً فقضيته تحتاج تعاوناً دولياً لضمان الحقوق. وبحسب الأخبار أبدت جهات معنية في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا استعدادها للتعاون والاتفاق، وتجري مشاورات منذ سنوات بهذا
الخصوص.
سؤال، للمثال، لا الحصر: ترى هل تتضمن الاتفاقية التي وقعها رئيس الوزراء قبل أيام مع الجانب البريطاني لاسترداد 5 آلاف قطعة أثرية مسروقة، نصاً يلزم المتاحف التي عرضت تلك المواد بدفع بعض المستحقات المالية، لأنها عرضتها لسنوات؟!.
الاستشارات القانونية قبل ابرام أيّة اتفاقية دولية مسألة مهمة، وخاصة حين تسمح قوانين تلك البلدان للعراق برفع دعاوى لمقاضاة المتاحف والمتعاملين معها بتداول الآثار. والأهم؛ عدم التنازل عن حق التعويض المادي في صفقات لا تكون مدونّة ومعلنة.
قبل أيام رعت رئاسة البرلمان مؤتمراً عاماً نظمته لجنة الثقافة والسياحة والآثار النيابية بحضور باحثين وأكاديميين مختصين. بيان المؤتمر حثّ على فتح ملفات استرداد الاثار المنهوبة وبذل الجهود لحسم القضية، وكنا نتمنى على المؤتمرين لو أنهم نبّهوا على ما أشرنا إليه من تفاصيل قانونية ومادية، وتقديم ورقة عمل تبحث في الشأن القانوني للمقاضاة وطلب التعويض، تمهيداً للسعي الحكومي الجاد بهذا
الخصوص.