أحمد حسين
احتفلت الدول والشعوب في السادس عشر من شهر تشرين الثاني الحالي بيوم التسامح العالمي، وهي مناسبة أجدها من أقدس المناسبات العالمية كونها تحث على التعايش السلمي وتقبل الآخر المختلف عنك دينياً ومذهبياً وفكرياً وقومياً وعرقياً ومناطقياً، مناسبة تحافظ على استمرار التنوع البشري وتنبذ واحداً من أكثر أسباب التقاتل والكراهية ألا وهو التعصب.
العالم بأجمعه بحاجة إلى إشاعة ثقافة التسامح ونحن في العالمين العربي والإسلامي بحاجة أشد لذلك، أما في العراق فحاجتنا لهذه الثقافة أشد وألح بعد عقود من الحقد والكراهية والإقصاء والتهميش، أنا لا أتحدث عن سنوات الإرهاب والخراب التي فتكت بنا بعد عام 2003، كلا، فالتسامح غاب عن بلادنا منذ أن استحكمت العقلية الطائفية والفوقية العرقية بعد تأسيس الدولة العراقية، هذه حقيقة علينا الاعتراف بها ليس لتصفية الحسابات أو اتهام جهة وتبرئة أخرى، بل من أجل ألا نخلط الحقيقة ونبعثر الأوراق، وندعي أننا نتعايش بسلام ونترك جذوة الحقد المستحكمة لدى البعض، وإن كانوا قلة فمن هؤلاء القلة ضافت شوارع العراق بالدماء واحترقت بمفخخاتهم.
علينا أن نواجه واقعنا لكي نجد حلولاً حقيقية لمشكلاته، وأن نكف عن ادعاء أن غياب التسامح ظهر بعد العام 2003 كما يروج الكثير، لا بدّ من تشخيص جذور الأزمة، حتى نعرف كيف نقتلعها من تربتنا لا أن نقطع الأغصان ونترك أساسها راسخة في أرضنا.
التسامح يستوجب أيضاً موقفاً دولياً تجاه فضائيات الشر، التي تبث سمومها بكل حرية، هذه الفضائيات التي تأسست لبث الحقد والكراهية تجاه الآخر المختلف وليس لتقديم محتوى إعلامي لا بدّ من تجريمها دولياً، وأنا استغرب السكوت المريب من قبل المنظمات الدولية المعنية عن هذا التحريض العلني الثقافي، والذي يصل إلى حد إباحة دماء الآخرين، لم نر قراراً دولياً يتخذ بحق هذه الفضائيات، بل على أقل تقدير لم يتم إلزام الدول المالكة للأقمار الصناعية بإيقاف بث هذه القنوات، وهي ليست فقط قنوات إسلامية، بل هناك قنوات مسيحية أيضاً وبوذية وظيفتها الأساس إشاعة الكراهية والتحريض.
إذا أردنا إشاعة التسامح والتعايش السلمي علينا أولاً تجفيف منابع الكراهية، لكي نسمح للمشاعر الإيجابية بالنمو في أرضية صالحة للعيش.