ما يهدد الديمقراطية

آراء 2020/11/20
...

 عدوية الهلالي 
قبل عام تقريبا، لم يكن أحد يتخيل أن شيئا لا أهمية له مثل فيروس كورونا يمكن أن يتسبب في مثل هذا الاضطراب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، الذي يسود المجتمع ويهدد بالتالي نظامنا الديمقراطي، اذ ستكون له عواقب وخيمة ما لم يتم احتواء السكان، الذين امضوا ثلاثة أشهر في الحجر المنزلي وحرم اغلبهم من موارد رزقهم ومستوى دخلهم المادي، كما انهارت بسبب الوباء مؤسسات وشركات كبرى، وربما شكل فرصة ثمينة لبعض القوى الفاسدة لاستغلالها والمضي قدما في تدمير اقتصاد الدولةن لن تنجو الديمقراطية اذن من هذا الفيروس، الذي يهاجم جسد المجتمع الهش والضعيف، في ظل انتشار العنف من أصغر نواة فيه وهي الاسرة وحتى المجتمع بأكمله!.
كيف يمكن التغلب على الازمة اذن بكل وجوهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ هل ستحتاج الحكومة مثلا الى تغيير نمط سلطتها واستبداله بأسلوب أكثر كفاءة بعد أن تخلت لسنوات عن حل المشكلات الحقيقية من توظيف لائق وسكن ملائم ومشكلات أخرى، قد تعدها الحكومة غير قابلة للحل، ام انها ستلجأ الى إلهاء المواطنين عن هذه القضايا الحقيقية باختلاق قضايا ثانوية، فيشعر المواطن بالتالي بخيبة امل كبرى من السياسة ما يقود الى ازمة ديمقراطية جديدة، تتمثل في تخلي المواطن عن المشاركة في العملية الديمقراطية برمتها، ان كان من خلال الترشيح او الانتخاب او الدعوة الى بناء الدولة على اساس ديمقراطي.
يحتاج نجاح الديمقراطية اذن الى اشراك المواطنين عبر استيعاب حاجاتهم والدفاع عن حقوقهم وعن حقوق الاقليات، وخلق ادنى حد ممكن من القيم المشتركة، التي يتفق عليها المواطنون لادامة الحياة في المجتمع وضمان عدم التحول الاجتماعي الى استخدام العنف والخطاب الطائفي او العرقي، فضلا عن دور الاعلام في ذلك، فمن المفارقات، في عصر المعلومات المتدفقة، أن يعاني المواطن من نقص المعلومات، الذي ينتج عن اجراء نقاشات بين مواطنين غير أكفاء وجاهلين سياسيًا. فالديمقراطية تحتاج إلى مواطنين منخرطين في حياة المجتمع ومدركين للشؤون العامة.
وهكذا، وكما ينبغي على الحكومة أن تحمي الديمقراطية بإرضاء المواطن وتوفير الخدمات العامة له وضمان مستقبله، فان مجتمعنا يحتاج أيضا الى  ثورة ديمقراطية عبر مشاركته في اختيار وجوه حقيقية، تمثل مطالبه والاسهام بالتالي في صنع القرار ورسم صورة المستقبل لبلد، لا يجب أن ينهار فجأة لمجرد انتشار فيروس عالمي.