د. سيف الدين زمان الدراجي*
تركز الستراتيجيات الوطنية على تحسين مستوى المعيشة وضمان الأمن والاستقرار والرفاهية للمواطنين، ولعل قطاع الاتصالات هو أحد أهم القطاعات التي لها مساس مباشر في حياة الفرد، فضلا عما يوفره من آليات وتقنيات لتطوير الأداء الحكومي في الدولة وتحقيق المصالح العليا للبلاد ليس على المستوى الداخلي فحسب.
ولكن على المستوى الدولي أيضا، إن التنظيم والإشراف الامثل على سوق الاتصالات وتقنية المعلومات القائم على أساس التنافس الإيجابي وتقديم خدمات متميزة آمنة للمشتركين وخلق مناخات محفزة للاستثمار وفقا لمعايير تحافظ على مصالح جميع الأطراف، هو ما تسعى إليه الجهات الحكومية المختصة لضمان الارتقاء بعمل هذا القطاع الحيوي.
إن ضمان جودة قطاع الاتصالات، إضافة إلى أمن المعلومات والاتصالات الراديوية من حيث الحماية الأمنية للشبكة الحكومية وإدارة الطيف الراديوي وإدارة التراخيص اللاسلكية والترددات وتوفير بيئة إلكترونية، تضمن خلوها من التداخلات الظاهرة والمخاطر السيبرانية، يعد أمرا حيويا يلعب دورا كبيرا في تعزيز الأمن القومي في مواجهة مخاطر الهجمات الإلكترونية والتحايل على تكنولوجيا التشفير، لحماية المكالمات والرسائل وأمن الشبكات وتجاوز أي خلل في اليات أمن نظام البنى التحتية لقطاع الاتصالات.
لقد توسع مفهوم الأمن ليشمل إضافة إلى تعريفاته العسكرية قضايا اخرى تتعلق بقدرة الإدارات الحكومية للدول على تنفيذ برامج تنموية وخطط اقتصادية وسياسية واجتماعية، فمن دون أمن لا توجد تنمية ومن دون تنمية
لا يوجد أمن.
إن التحول في المفهوم الدولي للأمن القومي أو الوطني، نتيجة التحديات الاقتصادية دفع المخططين وصانعي الستراتيجيات في العالم إلى توجيه السياسات والستراتيجيات نحو تعزيز مقومات الأمن الاقتصادي والذي يشكل قطاع اقتصاد شبكات الهاتف المحمول ما يقارب 2 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي حسب، ما أشارت إليه عدد من التقارير المتاحة المتخصصة في دراسات التطور العلمي والتكنولوجي، حيث خلص عدد من هذه التقارير إلى أن دعم هذا القطاع يضيف بشكل كبير للنمو الاقتصادي السنوي، ومن جانب آخر وعلى الرغم من ما قد يعده البعض انتهاكا للخصوصيات،
إلا أن وكالات الاستخبارات استطاعت إحباط العديد من العمليات والهجمات الإرهابية بعد عمليات تنصت ومراقبة لعدد من الأهداف عبر شبكات الإنترنت والهواتف النقالة وفق أذونات قضائية مكنت الهيئات الحكومية من الاطلاع على معلومات مهمة تتعلق بالأمن الوطني من جهة وترتبط ارتباطا وثيقا بحياة المواطنين من جهة أخرى.
في ضوء ما تقدم فإنه من الضروري أن تولي ستراتيجيات الأمن الوطني أهمية كبيرة لقطاع الاتصالات والمعلومات، إضافة إلى مراجعة طرق تخطيط وتحليل وتقييم السياسات الحكومية المتبعة ضمن هذا الإطار، بالشكل الذي يضمن مواكبة التطور التقني السريع في هذا القطاع لتهيئة البيئة المناسبة والرؤى الوطنية، التي ترتكز عليها مقومات الأمن و الرفاهية والاستقرار
للشعوب.
*باحث في شؤون السياسة
الخارجية والامن الدولي.
عضو الاكاديمية الملكية البريطانية لدراسات الدفاع.