أوروبا والشرق الأوسط.. ملفات عاجلة للرئيس المنتخب بايدن

آراء 2020/11/24
...

 د. قيس العزاوي

 ليس لأن الملفات الاخرى مثل الصين وروسيا مثلاً، هي اقل اهمية في مهمة ترميم العلاقات الدولية التي ينوي الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن اصلاحها، بعد أن افسدها بكثير من الاستكبار الساذج الرئيس المنتهية ولايته ترامب، بيد ان السياسة الخارجية الاميركية تعتمد في الاساس على من تعدهم "الحلفاء" مثل الاتحاد الاوروبي و"الشركاء" مثل اسرائيل و"الوكلاء" مثل دول الشرق الاوسط لمواجهة التحديات الدولية.  

وتقسيم الحلفاء والشركاء والوكلاء، ليس تقسيماً اعتباطيا، وانما هو تقسيم واقعي وارد في مخططات المؤسسات الاميركية بغض النظر عماهية الرئيس او الحزب الحاكم، ولن ندخل في هذه العجالة بتفاصيل مفاهيم الحليف والشريك والوكيل، ولكننا سنوضح ان الولايات المتحدة تولي اهتماما خاصا واستثنائيا، بدول الاتحاد الاوروبي، التي يمكن ان تنال الصفات الثلاث الحليف والشريك والوكيل في الوقت 
نفسه. 
فهي الحليف عبر حلف شمال الاطلسي لمواجهة المخاطر الامنية مثل: الارهاب، والاتحاد السوفياتي سابقاً والصين وروسيا حالياً. 
واوروبا هي الشريك الاقتصادي الاول، لانها تشترك مع اميركا في السيطرة على نصف الناتج القومي الاجمالي للعالم وثلث التجارة الدولية، كما يشترك الطرفان ايضاً في روابط المعايير والقيم الثقافية والاصول التاريخية المشتركة، وتتحول اوروبا الى وكيل للسياسة الاميركية عندما يجري تكليفها بمهمة القيام بدبلوماسية الوساطة بالوكالة.
ومن البديهي ان تتبوأ اوروبا المكانة الاولى في السياسة الخارجية الاميركية، وقد فرح الاوروبيون بانتصار بايدن بالانتخابات، ليس لكونهم يحتقرون ترامب ويستاؤون من وصف الجمهوريين لهم بالقارة العجوز، ولكن لأن بايدن يفتخر بجذوره الايرلندية والفرنسية، ويأمل الاوروبيون بأنه سيصلح ما افسده سلفه ترامب، فما الذي سيصلحه 
الرجل؟
سيعود بالقطع الى اتفاقية المناخ التي عقدت في باريس عام 2015 ، كما سيعود الى منظمة اليونسكو، التي انسحبت منها الولايات المتحدة واسرائيل عام 2017 ، ويرفع العقوبات على الشركات الاوروبية، ويعود الى المفاوضات الأممية بشأن الميثاق العالمي للهجرة، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة بالإجماع، لمواجهة تزايد أعداد اللاجئين على الشواطئ الاوروبية، ويعود الى منظمة الصحة العالمية، ومقابل ذلك لن يكون بايدن سهلاً في قضايا الخلافات الاقتصادية ومطالبة اوروبا بدفع ثمن حمايتها بكثير من الدبلوماسية، التي غابت عن سلوك ترامب، سيطالب بايدن بوقف حماس فرنسا والمانيا لتكوين جيش اوروبي موحد، وسيستجيب لبعض طلباتهم في الحلف الاطلسي، شرط ان يدفعوا 2 بالمئة من ناتجهم الاجمالي لتقوية الحلف. 
اما ملف الشرق الاوسط فهو مثقل بالقضايا الساخنة جداً، لا ريب ان بايدن لن يخرج على ما خطته ادارة اوباما الديمقراطية لمستقبل دول الربيع العربي، بعد ان قض الربيع مضجعها ومضجع حلفائها في المنطقة، وتصدت للانتفاضات الشعبية وتمكنت من تحويلها الى حروب اهلية وصراعات اقليمية بانخراط ايران وتركيا، ودولية بانخراط روسيا بالتدخلات العسكرية في كل من سوريا وليبيا واليمن، لقد حاولت ادارة الديمقراطيين بث الفتنة في مصر ولكنها اخفقت، وتمكنت تونس من 
الافلات.
سوف يعود بايدن لما يعده من أهم انجازات اوباما على الصعيد الدولي، وهو الاتفاق النووي الايراني، فكما يقول خبير السياسات في معهد واشنطن تشارلز ثيبوت يمكن لواشنطن ان تكلف العواصم الأوروبية، بإحضار طهران إلى طاولة المفاوضات. 
وسيكون هذا المسعى ليس لسواد عيون الايرانيين، ولكن تلبية للمخاوف الأمنية الحيوية في إسرائيل ودول الخليج، وبخاصة بعد ان تأكد لهذه الاطراف قرب انتاج طهران لقنابل نووية.
وكما وعد بايدن اثناء حملته الانتخابية سيعود الى: تمويل وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين  "الانروا"، وسوف يسعى لإعادة الاعتبار لحل الدولتين: اسرائيل وفلسطين وسيحث اسرائيل على عدم القيام بأي خطوات من شأنها تقويض إقامة الدولتين، وسوف يقوم بإعادة فتح القنصلية الاميركية في القدس الشرقية، واعادة فتح مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن واستئناف المساعدات الأمنية والاقتصادية للفلسطينيين التي اوقفتها ادارة ترامب" وسوف يرفض ضم اسرائيل لاجزاء من الارض المحتلة، وسوف يرفض الاساءات الاعلامية الغربية للاسلام، تلك هي حصيلة وعود بايدن وما اكثر الوعود وقلة الوفاء!