شيماء مجيد أمٌ لسبعة أطفال، تعمل على عربة تبيع فيها اللبلبي منذ سبعة أعوام في عينيها إصرار ودود، على شيء ما ربما هو العيش الكريم، وبالفعل كان ذلك جوابها على سؤال "الصباح" بشأن عملها بمهنة عرفت باقتصارها على الرجال حصراً.
وقالت أم حسن: إنَّ زوجها مريض ولديها سبعة أطفال، يسكنون مكتباً صغيراً في عمارة، وتضيف: "لا يسعنا كعائلة، لكنَّ الوضع المادي الصعب الذي نمرُّ به أجبرنا على التحمل".
بحثت أم حسن عن عمل تسترزق منه، ولم تجد، فلجأت الى بيع اللبلبي: "لأسد حاجة العائلة وعلاج زوجي"، مواصلة: "في بادئ الأمر كان هناك استغرابٌ ممن يشاهدني لأول مرَّة، لكنْ بمرور الوقت أصبح لي زبائن (يتعنون) من مكان بعيد ليتذوقوا اللبلبي الذي أطبخه، والكل يشجعني، لم تعد مهنتي محط تعجب إنما محط شرف".
"أبدأ العمل من المساء الى الليل، حسب الشارع، وفي الصباح أنظف المكان الذي نسكنه، وأهتم بالأولاد..، أوصلهم الى المدرسة وأعتني بزوجي وأطبخ اللبلبي الذي أصبح مصدر عيشنا، وعند الساعة الخامسة مساءً أخرج للعمل، حتى الساعة العاشرة ليلاً تقريباً"، قالت شيماء، مضيفة: "في الشتاء اللبلبي مرغوبٌ جداً، من قبل الكل، والإقبال عليه كبير؛ فابدأ العمل منذ شهر أيلول حتى منتصف شهر آذار عندما يتغير الجو".
مشيرة الى أنَّ "فصل الصيف يتعبها بحرارة الجو ومحدوديَّة تبيع الشربت والإقبال قليل عليه، مكانها ثابت لا تتنقل بالعربة، تمكث قرب مكان سكنها: "في حالة احتاجني الأطفال أذهب مسرعة إليهم".
هذه المنهة قديمة جداً وخاصة في درابين بغداد القديمة حيث كانت النساء في السابق تبيع اللبلبي أو الباقلاء وهي تجلس على الرصيف أو أمام الدار واضعة القدر بجنبها وتغطيه؛ كي تضمن بقاءه حاراً، وأحيانا تضع "البريمز"
تحته، وتقلل النار.. الأطفال يتجمعون حولها وتضع لهم اللبلبي أو الباقلاء في كاسات: "بعدها لا أقول انقرضت هذه المهنة إنما قلت وانحصرت بالرجال تقريباً، وتطورت بعض الشيء، إذ أصبحت تباع بعربة متنقلة من مكان الى آخر، تبع الرزق".
الآن المرأة كسرت القيود، نافذة الى كل الميادين الشريفة، حتى ساحات القتال: "وعملي هذا شرف لي ولعائلتي".