{ باب الجار».. لُحِّنتْ بالطائرة

الصفحة الاخيرة 2019/01/23
...

بغداد / سامر المشعل 
وصلت أخيرا رسالة من أحبهم وتعلقت مشاعره المضطربة في غياهب المجهول، ولا يعلم بأي بلد هم.. لم يتمالك الشاعر كريم العراقي مشاعره، عندما وجد رسالة من الحبيبة في بريد الصالحية، ومن ذهوله ترك باب الصندوق مفتوحا.. باصابع راعشة فتح المظروف وأخذ يقرأ ودموعه تختلط بسطور الرسالة..
وصل الى شقته، أدار المفتاح في فتحة الباب لكنه لا يفتح وظل يحاول من دون جدوى .. الى أن ربت على كتفه جاره مبتسما قائلا له: جاري العزيز إنها شقتي وليس شقتك .. شقتك في الدور الاول، ما الذي اتى بك للدور الثاني؟.
ما أن وصل حتى، ارتمى على الاريكة التي كانوا يشاركونه الجلوس عليها .. واستحضر، صورهم .. ثم كتب وهو يعب كؤوس الماء الكأس تلو الآخر ولا تبرد نيران كبده .. واخبرهم عن وحشته وغربته وهو في داره:
 
دقيت باب الجار كل ظنتي بابي
ذاكرتي صارت عدم من فرقه أحبابي
يا جاري هذا العشق .. يحرق ولا يحترق
تركوني وحدي ومشوا وما حاسب حسابي
الليل ما ينتهي والآه مسموعة
والناس عني التهوا كلمن بموضوعه
أهلي علي بعاد ساعدني يا جاري
حزني يبكي بلاد خفف علي ناري
يا دار ما اسكنك الا تجي احبابك
تحرم علي شوفتك ويحرم علي بابك
 
ويقول الشاعر “ اتخذت قراري فعلاً، ببيع ( الشقة) لأن استمراري مع ذكرياتهم .. وحاجتهم وصورهم .. وأنفاسهم سوف يدمرني فكل حيز طبعوا عليه ذكرى، بل طبعوا صوتاً وعطراً وحكاية، نعم سأهجر الدار سأنفذ وعدي ( يا دار ما أسكنك الا تجي أحبابك.. تحرم على شوفتك ويحرم علي بابك ).
 رن جرس الهاتف وإذا بكاظم الساهر من الطائرة في امريكا متنقلاً من ولاية لأخرى وكأنه يقرأ الطالع .. 
-  كريم عندي شعور إنك انجزت نصاَ جميلاً ؟
وسردت له حكايتي والحقتها بالكلمات فأحسست مدى تأثره وهو يكتب الكلمات قائلا ً “ أبدعت .. ربي يعطيك الصبر” .
وانتهت المكالمة وخرجت فوراً الى مكتب العقار  لبيع شقتي .. وفي المساء عاود كاظم الاتصال بي ليطمئن على حالي ثم أدهشني وهو يسمعني لحن أغنية “ باب الجار”. 
قلت “أبدعت يا كاظم”.. اجابني “ صدقني لحنتها فوراً وأنا في الطائرة”.