سرقة مخطط {شجرة الحياة} لداروين

علوم وتكنلوجيا 2020/11/25
...

  كامبريدج: بي بي سي
 
 
أعلنت مكتبة جامعة كامبريدج أنَّ كتابين للملاحظات يعودان إلى تشارلز داروين تبلغ قيمتهما ملايين الجنيهات الإسترلينية قد فقدا منذ نحو 20 عاماً.
ويحوي أحد الكتابين المخطط الشهير الذي وضعه داروين في القرن التاسع عشر، شجرة الحياة، الذي يبين العلاقات التطورية بين الأنواع المختلفة.
وتوصل مسؤولو المكتبة، بعد "بحث مضن"، إلى احتمال أن يكون الكتابان قد سرقا. وقرر المسؤولون عن المكتبة إطلاق حملة يطلبون من خلالها مساعدة العامة في البحث عن الكتابين المفقودين.
وقالت مديرة المكتبة د. جسيكا غاردنر: "هذا أمر محزن جداً، ولكننا لن نوفر جهداً لاكتشاف ما حصل لهذين الكتابين".
يذكر أنَّ الكتابين شوهدا للمرة الأخيرة في تشرين الثاني من العام 2000 بعد أنْ تسلمت المكتبة "طلباً داخلياً" بنقلهما من مستودع خاص للمخطوطات من أجل تصويرهما.
ونقل الكتابان إلى استوديو مؤقت كان يقع في مبنى مؤقت في الأرض التي تقع عليها المكتبة لأنها (أي المكتبة) كانت تخضع آنذاك للترميم. ولكن، وإثر "عملية تفتيش روتينية" أجريت بعد شهرين من ذلك التاريخ، اكتُشف بأنَّ الكتابين قد اختفيا.
وتقول د. غاردنر، "نعلم بأنهما صورا في تشرين الثاني، ولكننا نجهل ما حصل بعد ذلك حتى كانون الثاني 2001 عندما لاحظنا غيابهما من مكانهما الاعتيادي في رفوف المكتبة، وليست لدينا أي معلومات أخرى حول مصيرهما".
واعتقد مسؤولو المكتبة مبدئيا أنَّ الكتابين وضعا في غير مكانهما الاعتيادي، وقالت د. غاردنر - التي تولت منصبها في العام 2017 "كان أسلافي يعتقدون بصدق أنَّ الكتابين وضعا في غير مكانهما، وانهم سيعثرون عليهما في نهاية المطاف. ولكن عمليات بحث مكثفة جرت عبر السنوات الماضية لم تتوصل إلى أي نتيجة.
ربما لم يكن ذلك شيئا غريبا نظرا لحجم المكتبة. فمكتبة جامعة كامبريدج صرح كبير يحتوي على نحو 200 كيلومتر من الرفوف، وأكثر من 10 ملايين خارطة ومخطوطة وغيرها.
وفي بداية السنة الحالية، أمرت د. غاردنر بإجراء عملية بحث جديدة قام بموجبها موظفو المكتبة بجرد محتويات مواقع محددة من مرافق المكتبة. وبحثوا يدويا في 189 صندوقا تحتوي على كتب ومخططات ورسوم ورسائل داروين، ولكنهم أخفقوا في العثور على الكتابين.
وقالت د. غاردنر إنها وأفراد فريقها استنتجوا عند ذاك أنه من الضروري اعتماد أسلوب جديد في البحث، وأضافت أنها "لم تعد تصدق بأن الكتابين سيظهران تلقائياً".
وقالت "قمت وفريقي بإعادة النظر في ما جرى في الفترة التي اختفى فيها الكتابان وتخلينا عن المفهوم الذي كان سائدا بأنهما قد وضعا في غير مكانهما". وقالت: "بعد كثير من التردد، قررت بأن ذلك كان استنتاجا خاطئا".
 
{داخل عقل داروين}
كان تشارلز داروين شابا يبلغ من العمر 28 عاما في تموز 1837. وكتب من منزله في لندن في أعلى واحدة من صفحات أحد كتبه المغلفة بالجلد الأحمر "أنا أفكر"، ثم رسم مخططاً لشجرة.
وكان داروين قد عاد قبل فترة قصيرة من رحلة إلى جزر غالاباغوس على ظهر السفينة "بيغل"، وكان يبحث في الأفكار العلمية التي ألهمته بها رحلته إلى تلك الجزر الواقعة في المحيط الهادئ قبالة سواحل الإكوادور.
ويقول جيم سيكورد، أستاذ التاريخ وفلسفة العلوم في جامعة كامبريدج: "هذان الكتابان يعدان محاولة من داروين لمساءلة نفسه حول مصادر الأنواع الحيَّة".
وبعد مضي أكثر من 20 عاما، وفي الـ 24 من تشرين الثاني 1859، نشر داروين مخططا أكثر تفصيلاً لشجرة الحياة في كتابه "عن أصل الأنواع".
ويقول الأستاذ سيكورد "كأنك تدخل إلى داخل عقل داروين عندما تقرأ كتب الملاحظات هذه، فقد ضمنها كل ما كان يفكر فيه في ذلك الحين". ويؤكد "تشعر بأنه كان يبحث في تلك الأفكار بسرعة كبيرة، وتنقل إليك كتب الملاحظات هذه الطاقة الفكرية والذهنية التي كان يتمتع داروين بها".
ويقول "أنا من هواة جيمس جويس، وطالما كنت ألاحظ بأن كتابات داروين تشبه نسخا معززة لكتابات ليوبولد بلوم، إذ تشعر بعمق الخيال العلمي الذي تحتويه كتاباته".
ورغم أن الكتابين قد تم نسخهما إلكترونيا، يقول الأستاذ سيكورد إن النسخ الإلكترونية لا يمكن أن تعوض عن الأصل.
وقال: "إن فقدان مقتنيات أيقونية كهذه يعد مأساة حقيقيَّة.
الكتابان المفقودان صغيرا الحجم، إذ لا يتجاوز حجمهما البطاقة البريدية، وكانا محفوظان في علبة زرقاء اللون بحجم كتاب صغير.
وما زال من المحتمل العثور على الكتابين، إذ تقول د. غاردنر "لن نتوقف عن البحث". ولكن عملية البحث في رفوف المكتبة ومستودعاتها قد تستغرق خمس سنوات أخرى.
وفي ذات الوقت، تطلب المكتبة مساعدة العامة في العثور على المفقودات.
وتقول د. غاردنر في هذا الصدد "هناك سوابق جيدة في العثور على مفقودات، بفضل مساعدة الجمهور".
ولفتت "قد يكونا موجودين تحت سرير، وهذا أفضل الاحتمالات، وقد يكون أحد استنتج بأنه لن يتمكن من بيعهما ولذا قرر الاحتفاظ بهما". وقالت: "هذا هو الوقت لهؤلاء أن يتصلوا بنا بشكل آمن ودون الإفصاح عن هويتهم".