د. عبد الواحد مشعل
من يراجع دوائر الضريبة في العراق يجد نفسه أمام سيل من الإجراءات المرهقة، حتى تتحول الأوراق التي تحملها بعد حين من تواجدك في إحدى تلك الدوائر الى خريطة طويلة عريضة من التهميشات والتعليقات، وأنت تشق طريقك وسط جمع غفير من المراجعين.
وهم يتعرضون الى مخاطر جائحة كورونا، فضلا عن الإرهاق النفسي والجسدي، كما وأنت تتجول في أروقة هذه الدوائر، تسمع صيحات استنكار من هنا وهناك على الإجراءات الروتينية التقليدية في إثبات ذمة المواطن، ويتساءل كثير من المواطنين ألم يحن الوقت ونحن في الألفية الثالثة على تحديث دوائرنا ونجعلها بمستوى دوائر المجتمعات الحديثة؟ وهي تتبع أساليب أكثر سرعة ودقة في حساب الضرائب، من دون تحميل الموظف والمواطن أعباء مرهقة، لتحفظ حقوق الدولة وتصون كرامة
المواطن.
إن الخروج من هذه المعضلة يتطلب إجراءات منظمة تقوم على أساس هيكلة دوائر الضرائب، وإدخال نظام حسابي حديث لاستحصال الضرائب بأسلوب حضاري، فالأساليب التقليدية لم تعد تتوافق مع حركة المجتمع وازدياد أنشطته التجارية وعمليات البيع والشراء، لاسيما مع ازدياد
عدد السكان وتشعب الأنشطة المختلفة وتعقيدها، أن ذلك أمر بات يقلق المواطن والموظف معا، كما أن تحديث هذا العمل سيسد الباب على أي مظهر من مظاهر الفساد والمحسوبية.
إن وزارة المالية وهي التي تمتلك خبرات فنية ومهنية، مطالبة اليوم بمراجعة الإجراءات المتعبة في استحصال الضرائب، وإيجاد طرق أكثر جدوى وسرعة في تحقيق ذلك، وعليها
الاستفادة من تجارب المجتمعات الحديثة في تنظيم عملها، وهو أمر ليس صعبا إذا عمل القائمون على الأمر في استبدال الأساليب اليدوية، بأساليب حديثة والكترونية تساعد على تضيق قنوات الإجراءات الإدارية التي يرتادها المواطن لإثبات براءة ذمته، واستحصال استحقاقات للدولة من الضرائب بطريقة سهلة، لقد آن الأوان، كي تكون لدينا دوائر ضرائب محدثة ومقننة في إجراءاتها تساعد على انجاز المعاملات بزمن قياسي، فضلا عن ضمان انسيابية العمل، من دون عناء وتشعب لضمان تحقيق غاية المراجعات لهذه الدوائر.