علي حسن الفواز
فاعلية الدولة ومشروعية خطابها السياسي يعتمدان على مدى النجاح في ادارة الملفات الأخرى، لأن مفهوم الدولة ليس مجردا، ولا الخطاب السياسي عائم، فالتعالق المفهومي بينهما يرتبط بتعالقات سياسية واقتصادية وامنية واجتماعية وثقافية، وهذ مايجعلها أكثر حاجة في تمثيل الاجتماع الوطني، وفي تأهيل القوى الفاعلة للبناء
والتنمية والادارة الرشيدة، إذ تكون الدولة بتوصيفها القانوني والمؤسساتي هي القوة، التي لها الارادة والفعل والرؤية لادارة ملفات التأهيل والتنمية والاصلاح، وكذلك حيازة القوة لمواجهة الازمات والصراعات والتحديات.
حديث الاصلاح والتغيير هما جوهر فاعلية الدولة اليوم، ليس لايجاد مصدات سياسية لمواجهة الفساد والرثاثة حسب، بل للعمل على صياغة عقد اجتماعي وسياسي جديد يتناسب مع كلّ المتغيرات السياسية والاجتماعية، مثلما يتناسب مع الحاجة الى صناعة الدولة القوية بحكمها الرشيد ونظامها الديمقراطي، وهذه الدولة لا تأتي من فراغ، بل عبر
جملة من البرامج والمشاريع والستراتيجيات الكبرى، حيث تتعزز فيها قوة البنية المؤسسة للدولة، على مستوى دستورية الادارة ومسؤوليتها المشروعة، وكذلك على مستوى وجود الأطر الحاكمة قانونيا وقيميا، وعلى مستوى وجود الآليات الفاعلة وبالاتجاه الذي يمنح مؤسسة الدولة قوتها، ويعزز ثقة الاجتماع الوطني السياسي
والمدني بها.
ومن هنا تتبدى اهمية توصيف الدولة كمؤسسة سيادية، وكنظام، وكعلاقات سياسية واقتصادية، وكبرامج، إذ تُشكّل مديات هذا التوصيف الاساس المتين للتداول، ولرسم وجودها وتمكينها من مواجهة الازمات، والتحديات الاقتصادية والأمنية
والصحية، لاسيما بعد تغوّل جائحة كورونا، وتراكم المشكلات بسبب تضخم ظاهرة الفساد، والعشوائية، فضلا عن سوء ادارة الثروة وتبديدها، وحتى التجاوز على صيغة الدولة المؤسساتية والاتحادية، وهذا ما يعني إضعافا لهيبة الدولة وتفريطا دستوريا بمسؤولياتها من جانب، وتغويلا لجماعات اللا دولة من جانب آخر، على مستوى تضخم مظاهر الرثاثة الاقتصادية والفساد وتعطيل المسؤوليات السيادية، وعلى مستوى تقويض ستراتيجيات البناء المؤسساتي، بما فيها مؤسسات الادارة الاقتصاد والامن والاجتماع،
وتعطيل العمل على أية مبادرة لتعظيم موارد الدولة من المصادر
غير النفطية.