أحمد حسين
لا جدال على أن المأساة، التي حلت بالمكون الأيزيدي في سنجار العام 2014، فاجعة مروعة يهتز لها الوجدان الإنساني ولا يقلل من فداحتها إلا مسخ بشري نُزعت عنه الإنسانية، ومهما حاول أحدنا أن يشارك هؤلاء المنكوبين مشاعرهم، فلن ينجح بذلك إلا إذا كان أباً رأى ابنه يذبح أمام عينيه، أو أخاً تغتصب أمامه أخته أو زوجته، ومن ثم تختفي بمصير مجهول، أم أماً يسبونها مع ابنتها ولا تستطيع أن تحميها، لا يشعر بما حل بالأيزيديين إلا من ضاق مرارتهم.
الاهتمام الإعلامي والحكومي والاجتماعي والدولي بمجزرة الأيزيديين لن يدمل جراحهم، لكنه على أقل تقدير جعلهم يشعرون أن العالم متعاطف معهم، ويحاول قدر الإمكان التخفيف عنهم، وهي بادرة في غاية الإنسانية والأهمية.
في المقابل حدثت مجزرة مماثلة للمكون التركماني «الشيعي» في قضاء تلعفر المجاور لسنجار، وللأسف الشديد لم تحظ هذه المأساة بأي اهتمام إعلامي وحكومي واجتماعي ودولي حتى الآن، وأكاد أجزم أنه لولا تصريح النائبة السابقة فيان دخيل الذي كشفت فيه –في حينها- عما جرى للنساء التركمانيات على أيدي عناصر دعش الإرهابية، من أنهم كانوا يقومون باغتصابهن ومن ثم حرقهن وهنّ على قيد الحياة لما كان أحد عرف بذلك، ولولا أن النائبة فيان دخيل من المكون الأيزيدي لربما قام البعض بتكذيب حرق التركمانيات.
ما تعرض له التركمان لا يقل مأساوية عما تعرض له الأيزيديون، لكن الطامة الكبرى والمخجلة أنه حتى الآن لم تتساو الكفة بين المأساتين والمكونين، حتى إعلامياً كأضعف الإيمان، لم تقدم الحكومات المتعاقبة أية مساعدات أو برامج إعادة تأهيل ولا حتى جدية في البحث، عن مجهولي المصير لتحريرهم إن كانوا ما زالوا على قيد الحياة، بل أنها حتى لم تعدْ حقوقاً سُلبت من المسبيات التركمانيات المحررات.
هنالك إهمال حقيقي لمأساة تلعفر على الصعيد المحلي والدولي، ليس هناك أي نوع من الدعم، سوى ما قامت به منظمة ألمانية قدمت دعماً نفسياً لمتلازمة ما بعد الصدمة، استمر لخمسة أشهر فقط، أما حكومياً فلم يتم حتى توثيق هذه المجزرة، لكي يتم تصنيفها جريمة إبادة
جماعية.