علي شايع
«وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير» آية كريمة تبيّن عمق النصح بضرورة استشارة أهل الخبرة، وصولا الى المفيد، وبقناعة علمية؛ فالخبرة أم العلم.
شاهد الكلام؛ تحذيرات جهة دولية (خبيرة) في مجال اختصاصها، ادعت كشفها الاستباقي لـ»خطر اقرار» قانون عراقي قيد التشريع.
منظمة حقوق الإنسان الدولية انتقدت قبل أيام مشروع قانون «جرائم المعلوماتية» المرتقب تشريعه بمجلس النواب قريباً، مؤكدة تعارض مسودته والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومع الدستور العراقي بما وهبه من حريات.
بالطبع سيطول النقاش في حيثيات ما أرادته المنظمة الدولية، فوجهة نظر المعنيين فيها تضع معياراً عالمياً أساساً، يقارن بين سعة المأمول قانوناً لحرية التعبير، وما يحدّه قانوننا الجديد بقوّة، فالمنظمة المعنية وجدت فيه (وسيلة حكومية) لخنق حرية التعبير، من خلال نصوصٍ حمّالة أوجه للغموض، فالوصف الفضفاض لما أعده القانون تهديداً مجتمعياً، وتعريض مصالح الدولة للخطر، قضية فيها نظر وتحتاج إمعاناً وتدقيقاً.
البرلمان وعبر لجانه الخاصة، تأخر طويلاً في سنّ هذا التشريع، إذا علمنا إن مسودته عرضت منذ 2012، وسنرى أنها فترة طويلة نسبياً، لونسأل العادّين لكمّ ما أقرّ من قوانين في الدورات البرلمانية السابقة، بالتأكيد أن مجلس النواب وضع الغايات التشريعية أساساً، وبيّن أهمية هذا القانون، ولا تتحمّل الدورة البرلمانية الحالية- التي عليها تشذيبه وإقراره- مسؤولية التأخير منفردة، لكن تبعات ما يتضمنه ستسجّل عليها وحدها.
إن مجلس النواب حين وضع القانون في سلة لجانه، أقرّ بجدوى المهم لتوفير حماية قانونية، وتشريع عقابيّ يحدّ من سطوة مرتكبي جرائم شبكة المعلومات، إذ كشفت آفاق التسارع التقني في وسائل التواصل مشكلات ومخاطر، وجدت لها الكثير من الدول حلولاً وقوانين تحمي المؤسسات والأفراد، لأن ترك الحبل على الغارب، لكلّ من هبّ ودبّ، يشكّل بالفعل تهديداً جاداً لأمن وسيادة البلد، وزعزعة الثقة بالتقدم البشري والتقنيات الحديثة، وبالنتيجة المساس بالحياة والفكر الإنساني.
يُكتب الكثير حول المعلوماتية وجرائمها، وتنفق فضائيات محلية وقتاً لنقاش القانون (خيطاً وخربطةً)، فلا جديد لدى محللين تصف بعضهم، اعتباطاً، بــ(الخبير)!، للأسف، فأكثرهم ممن قال فيهم المعري: وخَبرتُهم، فوجدتُ أخبرَهم.. مثلَ الطّريدةِ، ما لها خُبر!.