مواسم إعلامية

آراء 2020/11/29
...

 نجاح العلي
 
 
قبل ايام اتصل بي أحد الزملاء، طالبا مني أن أرشح له عددا من الصحفيين والاعلاميين للعمل، معه ضمن خطة لافتتاح وسيلة اعلامية جديدة بالتزامن مع قرب موعد الانتخابات المزمع اجراؤها منتصف العام المقبل.
الغريب في أمر افتتاح هذه الوسيلة الاعلامية الوليدة، انها تأتي في وقت عصيب يمر به الواقع الاعلامي، بضائقة مالية خانقة بفعل جائحة كورونا والازمة المالية، ما اجبر عددا كبيرا من الصحف والمطبوعات الى تقليص عدد صفحاتها وتقليل ملاكاتها، بل ان بعضهم لم يستلم رواتبه منذ عدة شهور، البعض الاخر  من وسائل الاعلام، أعلنت افلاسها وأغلقت ابوابها، خاصة الصحافة الورقية التي كانت تعاني من قلة الاعلانات، التي تأتي اليها من الدوائر والمؤسسات الحكومية، ومن شركات الهاتف النقال فضلا عن تأثيرات التطوير التقني الكبير، الذي أجبر الصحف للتحول من الصحافة الورقية الى الصحافة الالكترونية ولاغرابة انه من المتوقع ان تختفي الصحف من بلدنا خلال عقد او عقدين من 
الزمن.
المتتبع للمشهد الاعلامي العراقي، سيلاحظ أن أغلب المؤسسات الاعلامية، تتبع لأحزاب وتجمعات سياسية وفئوية، وتنشط هذه المؤسسات ويصرف عليها، ببذخ بالتزامن مع الانتخابات، بل ان بعض وسائل الاعلام يمكن تسميها بالموسمية، التي تظهر مع حلول موعد الانتخابات وفترة الترويج الاعلامي للاحزاب والشخصيات والكيانات السياسية المرشحة للانتخابات وتستمر هذه الوسائل عادة لثلاثة او اربعة اشهر، وتغلق ابوابها وتسرح موظفيها حال انتهاء الانتخابات واعلان نتائجها والامثلة على ذلك كثيرة لامجال لذكرها، وهذه الظاهرة الاعلامية، التي تكاد تكون خصوصية عراقية بامتياز لها تبعات سلبية، لأنها تخدع الجمهور ولاتسهم في خلق مؤسسات اعلامية مهنية وموضوعية وحيادية ورصينة لها خطابها الخاص بها، ولها متابعون تتفق افكارهم وميولهم مع ما تقدمه هذه الوسيلة، مع العلم ان المتلقي العراقي بفعل الانفتاح والتنوع الاعلامي والحريات الصحفية النسبية، اصبح يدرك جيدا الاجندات التي تحرك وسائل الاعلام المغرضة، التي تتبع السياسة الغوبلزية في الكذب والتدليس والتسقيط السياسي على حساب المهنية والموضوعية.