حسين رشيد
من المفترض إن انظمة الحكم والسلطات، التي تعتمد صناديق الاقتراع والانتخابات، وسيلةً لتدوال السلطة، أن تتحلى بمبادئ الديمقراطية واسسها. لا أن تتحول الى سلطة بوليسة، تحارب حرية الرأي والتعبير بحجة حماية الديمقراطية وأمن البلاد، عبر سن قوانين تمثل وجهات نظر دكتاتورية، وقد يكون قانون الجرائم الالكترونية، المراد اقراره، احد تلك القوانين، التي ستجعل من الصعب، على المدونين، والاعلاميين، والمواطنين والمختصين، في العمل والاعلام الالكتروني ممارسته بحرية، خوفاً من وقوعهم تحت طائلة القانون وعقوباته، التي ستكون البعبع الذي يسكن الهواتف الذكية والحواسيب الشخصية ويأد كل فكرة.
تنص المواد الدستورية 13 ثانياً، 38، 40، على عدم سن أي قانون يتعارض مع الدستور الذي كفل حرية التعبير والصحافة، والطباعة والإعلان والنشر، وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي. كذلك ضمن حرية الاتصالات والمراسلات البريدية، والبرقية، والهاتفية، والإلكترونية ولا يجوز مراقبتها أو التنصت عليها أو الكشف عنها إلا لضرورة قانونية وأمنية وبقرار قضائي. لكن الذي يبدو أن سلطة البرلمان، تريد خرق مواد الدستور النافذ في ادارة شؤون البلاد، والذي يفترض أن كل نائب قبل إن يؤدي القسم، حفظ مواد وفقرات الدستور عن ظهر
قلب.
ورد في مسودة القانون، أكثر من ثلاثين نوعا من الأفعال، التي تصنف كجرائم، مجملها تتعلق باستخدام شبكة المعلومات، وأجهزة الحاسوب، والهواتف الذكية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وأنظمة البرامج والتطبيقات الاخرى، التي باتت من الوسائل المهمة، للاطلاع على التجارب العالمية، في شتى الاختصاصات والمجالات، والافادة منها شخصيا، ومجتمعيا، لكن العقوبات الوادرة في مسودة القانون ستكون السكين الباشطة على رقبة المستخدم الالكتروني.
منذ صياغة مسودة القانون المثير للجدل وتقديمها في العام 2011 وحتى اليوم شهد العالم الافتراضي، جملة متغيرات وتطورات، تغيرات معها ووفقها الجرائم الإلكترونية، والامن المعلوماتي والسيبراني.
الا أن البرلمان العراقي، بلجانه المختصة، او المتبنية للقانون، اغفل جرائم مهمة مثل القرصنة والاصيطاد الالكتروني، التعقب غير الشرعي والاحتيال، التضليل والارهاب المعلوماتي والالكتروني وجرائم اخرى عدة، كما تغافل عن ابتكار وسائل حديثة وحلول للحد من الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية، وكيفية التعامل مع المتغييرات والتحديثات والتطورات في الفضاء الالكتروني والعالم الرقمي، الذي بات بوابة تواصل مفتوحة ومترامية الاطراف في كل بقاع المعمورة.