رزاق عداي
هيمنة دولة قوية او سيطرتها على دولة اخرى (او عدة دول) اقل منها قوةَ، حالة قديمة عبر التاريخ، اما تبلور الظاهرة الاستعمارية (وانتشارها كظاهرة) فقد حصل في القرن التاسع عشر حصرا.
بفعل تعاظم النظام الرأسمالي، وتراكم سلعه الكبير الذي انتجته ماكنته الصناعية، وهذا ما شكل إحدى أزمات النظام الرأسمالي، فاندلعت الحروب بشكل غير مسبوق في ما بين الدول الصناعية في اوروبا على وجه الخصوص، للسيطرة على بقية الدول الضعيفة في ارجاء العالم ، وضمها اليها كاسواق، امتصاصا للازمات وديمومة للعجلة الصناعية.
ألمانيا في اوروبا القرن التاسع عشر هي الدولة الوحيدة، التي لم تملك مستعمرات، لهذا السبب او ذاك، وهي التي شهدت نموا اقتصاديا سريعا ومذهلا، حتى ان انتاجية العامل الالماني في اواخر القرن التاسع عشر،كانت تفوق انتاجية اي عامل آخر في كل الدول الصناعية في العالم، فتعرض اقتصادها الى حالة تراكم سلعي كبير، أنذر بأزمة، مما حدا بستراتيجييها ( منهم- مولتكه- الكبير) لوضع الخطط الستراتيجية للتمدد العسكري الالماني في العالم، واريد لهذه الستراتيجيات ان تنفذ على الارض، ولكن خسارة المانيا الحرب العالمية الاولى حال دون ذلك، فكانت تلك الحرب هي حرب استعمارية (امبريالية) بامتياز كبير، حتى ان (لينين) اصدر كتابا اسماه ( الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية)، أراد أن يعدل بعضا من افكار معلمه(ماركس) في ما يتعلق بالازمات الراسمالية وحدوث الثورة، بعد ان تأْجبلت الاخيرة بفضل الظاهرة
الاستعمارية.
بعد الحرب العالمية الثانية، برزت حقبة تحرر البلدان المستعمرة (بفتح الميم)، وانحسرت صيغة السيطرة الاستعمارية، هنا دخلت العلاقات بين دول العالم في نمط جديد، ليس الاحتلال او الهيمنة بالصيغة العسكرية، انما بعناوين وخطابات شتى عريضة، ولكنها غير حقيقية على ارض الواقع، مثلا علاقات المنفعة المشتركة، او ميزان التبادل التجاري بين البلدين، وهو غير متوازن على الاطلاق، ومثال حي على هذا ما يجري اليوم في العراق، على ما يسمى بميزان التبادل التجاري بين العراق والدول المحيطة به، كايران وتركيا، او ما يسمى بالتبادل التجاري بين العراق والدول الاخرى، فما يستورده العراق من بضائع بعشرات المليارات من الدولارات، لا يقابله سوى مئات الملايين من الدولارات كصادرات، فالعراق هنا لا يمثل طرفا حقيقيا في المعادلة التجارية، انما سوق كبيرة لبضائع الدول الاخرى، وبمعادلة ميزان تجاري ناقص ومختل.