ماذا لو؟

الباب المفتوح 2020/12/01
...

نجم الشيخ داغر
وأنا مستلق وعيناي شاردتان باللامكان، تسللت الى فكري خاطرة عنوانها (ماذا لو)، هذه الخاطرة اندرجت تحتها خانات وخانات تكاد تستوعب حلولا لمختلف المشكلات التي أحالت نهارنا ليلا.
ولأن لا حد للامنيات، اطلقت لمخيلتي العنان، ورحت ارتب أجوبة الأسئلة التي لن تتحقق كما اعتقد، إلا بحدوث معجزة كبرى تشق بحر اليأس الى نصفين وتدعونا للعبور نحو ضفة الخلاص.
فكان اولها، ماذا لو وزعت أموال العراق بالتساوي، ووجد العراقي فرصة لشم نفسه وارتاح من مشكلته الازلية وهمه اليومي بتأمين (علاكة المسواك) لاسرته ؟، ألن تتفجر عندها طاقته العقلية الابداعية المعروفة عنه، هذه الطاقة التي غيبتها معركته الشرسة للحصول على لقمة العيش، وكنا نرى المنتجات التي تحمل صنع في العراق وهي تغزو العالم شرقا وغربا.
ماذا لو شعر الجميع بمختلف اطيافهم بأن هذه الأرض وطنهم هم، وهي محرمة على كل من يريد بها وبأهلها سوءا، فهل يتمكن بعد ذلك «داعش» وغيره من الحصول على موطئ قدم فيها ويتجرأ على اراقة دماء ابنائها الطاهرة.
ماذا لو تكاملت الكتل السياسية، بتوفير الطاقات والخبرات التي تحتاجها البلاد وكان شعارها بناء الدولة والمواطن وتوفير حياة كريمة له، بدلا من ان تضع احداها للأخرى العصا في العجلة، كي لا تسجل نقطة نجاح على حسابها تحت شعار (علي وعلى أعدائي)، ألن نصبح عندها انموذجا يحتذى به من قبل الأمم ويليق بتاريخنا الممتد حتى الجذور الاولى للانسان وكتابنا السماوي الذي قال حينما كنا هكذا (وكنتم خير أمة أخرجت للناس).
ربما يقول قائل، هذه افكار مثالية غير قابلة للتطبيق وهي اقرب للخيال منها للواقع، نعم قد يكون هذا صحيحا، ولكن بالنسبة لنا فقط لا لغيرنا، ولذلك قلت في البدء اننا بحاجة الى معجزة، ولكن هذا من المفترض ان يشعرنا بالخجل، الم تكن اليابان قبل خمسين عاما فقط دولة اشبه باخلاق «داعش»، تعبد امبراطورها وتحتل الدول وتستبيح الحرمات وتكره الحياة، حتى ان الانتحار وتفجير اعدائها كان لديها شيئا بطوليا كما يفعل الارهابيون الآن، بيد انها في نهاية المطاف عادت الى نفسها واستفادت من تجربتها بأن طريق العنف والحروب والفساد سيأتي على آخرها ويجعلها عرضة للانقراض، لذلك نزعت جلد التخلف وارتدت حلة التقدم والتطور فكان لها ما ارادت.
أليست هذه قصة واقعية وليست من نسج خيال كاتب ربما تدعونه بالخرف لأنه يريد الاستفادة من تجارب الشعوب، ألم تفعل مثلها المانيا التي خرجت من الحرب العالمية الثانية وهي مقطعة الاوصال وخلفها 50 مليونا ما بين قتيل وجريح ومعاق وعشرات آلاف النساء المغتصبات من قبل الجيش الاحمر وغيره، وفي غضون تسع سنوات فقط تمكنت من ان تحتل المركز الثاني بين اقتصاديات قارة اوروبا ، حتى انها فازت ببطولة كاس العالم 1954 في
 السويد.
من هنا، ماذا لو استفدنا من هذه التجارب، وعاد كل منا الى داره لاعادة حساباته، أظن اننا لو فعلنا ذلك لاكتشفنا اننا لا نتظاهر على حكومة فشلت بتوفير الخدمات، وانما نتظاهر على انفسنا واخطائها التي كانت رحما مناسبا لانجاب هذه التجربة الفاشلة، ولرأينا ان الحديث الشريف القائل (كما تكونوا يولى عليكم) يعرض كل اخطائنا وشرور انفسنا عبر شاشة المسؤولون الذين نهتف ضدهم، فماذا لو أعدنا حساباتنا بشكل حقيقي ؟.