عزيز علي!

الصفحة الاخيرة 2020/12/02
...

زيد الحلًي
لا اريد العتب على الاعلام عندنا،  فهو مشغول بمجالات شتى، في بلد ضبابي النزعات، لكني اعتب على وسائل التواصل الاجتماعي، كونها مرآة الأغلبية الصامتة، ومبعث العتب،  نسيان صفحات التواصل الاجتماعي ذكرى ولادة الرمز الاجتماعي الكبير، الذي اطلقتُ عليه في مقالات سابقة، لقب ( فتاح فال العراق) الذي قرأ مستقبل الوطن،  هو الفنان الاستثنائي عزيز علي تولد ( 1/ 12 / 1911 ). فالذي نُشر على ضفاف الذكرى، بسيط، لا يتماهى مع عبقرية هذا الانسان.
إنَّ الاحتفاء بذكرى ولادة الرموز الوطنية، هو احتفاء بذاكرة الشعوب الحية، كون ذلك يمثل الماضي، الذي يكوّن جوهر الحاضر وكنه المستقبل،  وإذا كانت الفلسفة قاطرة العلوم، فإن الذاكرة أمها لأنه لا وجود لأي علم من دونها، وحين اشير الى فنان الشعب  عزيز علي  طيب الله ثراه، فلأنني وجدتُ فيه، رمزا عراقيا، حفر في وجداننا، 
اسماً وموقفاً وظاهرة، ما لم يستطع غيره أن يحفره، صوته وألحانه وزجله وشعره، يلف سماء العراق بشكل عجيب، حتى كادت " مونولوجاته " تضحى لازمة يرددها الأبناء، مثلما رددها آباؤهم وأجدادهم، وهذا لم يحصل إلا لقلة من النوادر الفنية، وكان عزيز علي، أهم تلك 
النوادر !
وهذه الوشائج التبادلية بين الابداع والمجتمع،  تمثل تجسيدا حياً لروح سمحة، ترتقى دوما إلى أعلى، ولا تنحرف أبداً إلى أسفل، مؤكدة أن الابداع هو غذاء العقل، وهو يجعل الفرد أكثر رقيا، من خلال طرح ما يريده، على طبق انساني، بعيدا عن الانانية والكره والنميمة، حيث وظًف هذا الفنان الأهزوجة والأمثال الشعبية، والقصة والطرفة في حبكة شعرية،
مبسطة مفهومة وجميلة، ولا تزال "مونولوجاته" حاضرة في الوعي العراقي، لصدقها والتزامها الوطني ومقاربتها هموم الناس وآهاتهم اليومية، وقد قال يوماً في حديث، إنه لم يذهب الى مجتمع الكبار، رغم الدعوات الكثيرة، التي كانت ترده، لأن عقيدته كانت تتعارض مع مصالح أولئك، اضافة الى انه لم يسخّر فنه للارتزاق والكسب والثراء ولو " فعلت ذلك لأصبحت 
مليونيرا".
رحم الله هذا الفنان، الذي قرأ واقعنا قبل اكثر من قرن!