سلاح ذو حدين

آراء 2020/12/03
...

 حسين الذكر
في أغلب الحروب الكبرى كان للاعلام دور اكبر أسهم في انهاء المعارك عن طريق التاثير في المعنويات قبل التدمير العسكري، هذا ما جعل المانيا الهتلرية تبدع دعائيا من خلال ماكنتها، التي صنعها وزير الاعلام غوبلز، بينما يؤثر على معنويات الخصوم آنيا وانهيار منظومتهم الأخلاقية لاحقا، فبعض القيم المجتمعية تعد حصونا لا يمكن تجاوزها، بمعزل عن تقييم تلك القيم من الناحية الفلسفية والعقائدية. 
تعد الحرب العالمية الثانية شواهد قريبة ممكن تلمس خطوطها وعيش وقائعها للإفادة من عبرها، اليابان ضربت نوويا في اكبر فاجعة وبشاعة تاريخيا، لكنها نهضت وأصبحت من دول العالم المتقدم حضاريا لما لقيم الساموراي الأخلاقية من تاثيرات اصيلة منحت المجتمع العصمة والمنعة، كذلك المانيا التي سحقت واحتلت ودمرت مدنها ومنشآتها نهضت سريعا، لتصبح بعد ذلك من بين المتحكمين في قيادة العالم الجديد، السبب يعود الى اصالة قيم المجتمع الألماني الصارمة التي لم تفككها الهتلرية النازية ولم تنزعها قوى وجيوش الاحتلال شرقية كانت ام غربية.
 
اليوم وللأسف الشديد تشهد مجتمعاتنا العربية بعد سنوات من الدكتاتورية والحصار والحروب والاحتلال وما جاؤوا به من إرهاب وفساد وما لحقه من موجات عصف قيمي هجين متدنٍ غارق بالانحطاط، يمرر بشكل مجند لنخر مرتكزات الامة الاخلاقية المعروفة بها من عمق التاريخ التي شكلت صلب قوتهم وبقايا منعتهم، بالرغم من كل ما تعرضوا له واعتراهم من قرون احتلالية سحيقة، اليوم اصبح مجتمعنا وبيئتنا مرتعا لكثير من موجات التطرف والتدني الأخلاقي بما يحمله من تاثير سلبي في السلوك الفردي والعام، بما ينذر من انعكاس وتداعيات هي اخطر بكثير من كل المخاضات الاحتلالية السابقة المعبأة برحم الاحتلال، لادامة زخم خططهم واستعباد الشعوب ونهب خيراتهم عبر بوابة حرف القيم الاصيلة وتبديلها او حرفها عن مكانتها المعهودة، لاسيما شريحة الشباب بقاعدتهم وحراكهم وتاثيرهم المستقبلي، هنا تكمن خطورة شل القيم، التي هي أشد وطأة حتى من عصف القوى النووية، كفانا ووقانا الله شرورها.