تقاسم الثروة بالعراق

آراء 2020/12/05
...

  زهير كاظم عبود 
 

 

وفقا للفقرة ( اولا ) من المادة ( 112 ) من الدستور، فإن على الحكومة الاتحادية أن تقوم بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية ( مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة)، على أن توزع واردات النفط والغاز بشكل منصف، يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء العراق الاتحادي، بشرط تحديد حصة( لمدة محددة ) للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضررت بعد 

ذلك. 
وثمة إشكال واقع بين الحكومة الاتحادية وبين إقليم كردستان العراق منذ فترة، وبالرغم من الاجتماعات والزيارات المتبادلة، لم يتم التوصل الى حلول منطقية أو مقبولة لاتهاء هذا الإشكال، ما يثير التساؤل والشكوك في عدم جدية هذه الاجتماعات والتعمد بابقاء الإشكال أطول فترة ممكنة وضمن ظروف عسيرة يمر بها البلد من جميع 
النواحي . 
ومازاد الإشكال نارا الاجتماع الأخير لمجلس النواب المنعقد ليلة 11 /10/2020 حول قانون الاقتراض الحكومي، والذي صدر بالموافقة على اقتراض 12 تريليون دينار لتغطية العجز المالي الذي تعاني منه الحكومة الاتحادية، حيث امتنع نواب إقليم كردستان عن حضور جلسة التصويت، التي جرت وتم اقرار قانون الاقتراض بحضور ( 173 نائبا في 
المجلس). 
الإشكال يتركز بالأساس حول تقاسم إيرادات النفط والغاز، حيث كانت الحكومة الاتحادية تحول 17 % من الحصة الشهرية، للمحافظات الأربع التي يتشكل منها الاقليم، ولتنامي قضية انتاج النفط في الاقليم، حيث يتم تحويل الصادرات الى الشركة الحكومية ( سومو )، الا ان عدم توفر الثقة بين الحكومة الاتحادية والاقليم، حيث تطالب الحكومة الاقليم بإرسال جميع ايرادات النفط وحاصل ايرادات المنافذ الحدودية الى الخزينة العامة، كما ان قانون الاقتراض الحالي سيؤدي الى زيادة عجز حكومة الاقليم من ترميم وضعها الاقتصادي وتوفير رواتب الموظفين والقوات الامنية، ومثلما تحتاج الحكومة الاتحادية الى اصلاح وخطط لترميم الواقع الاقتصادي، فإن الاقليم أيضا يحتاج مثل هذه الخطوات، ومثلما يستشري عنصر الفساد في مفاصل الحكومة الاتحادية، فإنه يتغلغل ايضا في مفاصل حكومة الاقليم، وكلا من الحكومة الاتحادية والاقليم لم يكونا جادين في مهمة محاربة الفساد والقضاء 
عليه. 
ومع كل المناشدات والنداءات التي يطلقها خبراء ومنظمات مهتمة بإصلاح الواقع الاقتصادي، لم يشهد الوضع تحسنا، بل زاد التدهور مع عدم اكتراث القوى السياسية لما صار اليه حال 
العراق. 
وما بين الشد والجذب والاتهامات والتصعيد، الذي بدأ دعاة التفرقة ومشعلو  الحرائق بزيادة اللهيب والتعرات ومحاولة بث الكراهية ونشر الشائعات والتحليل الساذج لتفكيك الوحدة الوطنية، يتطلب الأمر بالرغم من صدور قانون الاقتراض، ان يكون العقل والمنطق والمصلحة الوطنية حاضرا في جميع القرارات، المواطن وحده من سيكون خشب الوقود لهذه النار، فهو ينتظر من قوى سياسية وشخصيات تتصدر واجهة العمل السياسي وقيادة البلاد، مهما كانت قدراتها وقابلياتها، وبصرف النظر عن تقبلنا لها او عكس ذلك، اليوم سنكون بحاجة الى اجتماعات عاجلة وصريحة، تبحث عن جذور الشكال وتبسيط الحلول بما يتناسب مع الوضع الراهن، وألا يكون سباق المصالح والرغبة في التغلب على الاخر هو شعار تلك الاجتماعات واللقاءات، القرارات التي تهم المصلحة الوطنية للبلاد، ينبغي ان تقترن بموقف يقترب من الاجماع والتوافق، وأن على الحكومة الاتحادية وهي المسؤولة عن  صنع القرار التنفيذي، ومجلس النواب وهو المسؤول عن صياغة التشريع، وحكومة الاقليم وهي المسؤولة عن ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الاقليم، فإن عليها ايضا أن تلتزم بشركائها السياسيين في الاقليم وأن تسعى الى التوافق، لتوحيد موقفها وتبسيط الإشكال، وصولا الى انهاء حالة الشد والصراع القائم بين القوى السياسية في
 البلاد. 
ان الدستور نفسه ينص في الفقرة ثالثا من المادة ( 121 )، على أن يتم تخصيص حصة عادلة من الايرادات المتحصلة اتحاديا، للاقليم والمحافظات تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها( مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها  ونسبة السكان فيها). 
لا شك اننا نمر بوقت عصيب، يتطلب منا جميعا أن تكون مسؤولياتنا تضامنية، وان نزيح من امامنا شعارات التعصب والكراهية والاحقاد، فنحن في خندق واحد، ونركب معا بزورق يتسع لنا جميعا، فضعوا مصلحة شعب العراق بكل اطيافه القومية والدينية أمام ضمائركم، وابحثوا عن حلول لإصلاح الواقع الاقتصادي والسياسي في بلد، صرتم في خانة المسؤولين عنه، فلا تزيدوا جراحا فوق جراح 
أهله.