الهيئـات الاستشارية

الصفحة الاخيرة 2020/12/05
...

حسب الله يحيى
الاستشارة، وطلب الرأي الاخر، والاصغاء الى وجهات النظر المختلفة كلها مؤشرات على الوعي واحترام الافكار والرؤى التي قد تتفق او تختلف معنا .
وهذا الوعي المنفتح على الاخر، هو على الضد من تلك الصفة المعتدة برأي صاحبها، و دونها لا شيء.
وهي مؤشر على الانفلاق ومن ثم الوقوع في الاخطاء وتراكمها، الا اننا نفاجأ بظاهرة تجمع بين كلا الطرفين : الانفتاح و الانغلاق على الرأي الاخر، او على نحو أوضح  و ادق واكثر تفصيلاً، الاستماع الى الاخر، ثم ترمي بما سمعت خارج اذنيك.
او لا تستمع الى الاخر، وتزعم - كذباً- انك تصغي اليه وتأخذ بمشورته، وان النتائـج التي تراها هي من عنديات هذه الاستشارة الفردية او الاجتماعية.
هذا الحديث يقودنا الى ما نجده على الصفحات الاولى  لعدد من المجلات الثقافية المرموقة والعابرة في الوقت نفسه .
ففي هذه الصفحات الاولى نقرأ اسماء (الهيئـة الاستشارية)من العراق ومن خارجه، الى جانب (هيئـة التحرير)
ثم نتبين الحقيقة، والتي تكمن في غياب هذه الهيئـات اصلاً، وكل مافي الامر انها تضع هذه الاسماء لتعطي شرعية اكاديمية وعلمية و معرفية وابداعية، كون هذه المجلة او تلك تستشير هذه الاسماء في ما تنشره ..
وتتباهى هذه الاسماء بوجودها على صفحات مجلة مرموقة مع انها لا تستشار اصلاً، وانما تتخذ من حضور اسمائـها وقاراً وجدة واهمية لاغير .
في وقت يفترض بهذه الاسماء المحترمة، أن ترفض النشر، لانها لا تستشار ولا تحرر شيئـاً من المواد التي يتم نشرها .
ذلك ان وجودها يحملها قدراً من المسؤولية الاخلاقية والمعرفية في مجلات متخصصة، فكيف اذا كانت مجلات عابرة وتترأس تحريرها اسماء لا يعتد بها اساساً ؟
ان الاسماء الثقافية والعلمية والابداعية التي نحترمها، يفترض أن تكون على قدر من المسؤولية الاخلاقية التي ينبغي لها الرفض التام ان لم تستشر حقاً، أو تسهم في التحرير فعلاً،  ولو تيسر لها أن تستشار او تحرر مواد للنشر، لكانت رفضت معظم ما ينشر من مواد هامشية لا تستحق النشر، بما فيها مقالات اولئـك الذين تتصدر اسماؤهم تلك المجلات .
ان هذه الظاهرة السلبية التي بدأ يتسع حضورها في حياتنا الثقافية، لا بد أن تتوقف، لانها ظاهرة وهمية كاذبة لا تليق بهذه الاسماء التي نجلها ونحترمها والتي (تستثمر) لمجلات ومشاريع ثقافية، في وقت يغيب دورها ورأيها ووجودها “وهو امر يفترض بها رفضه مادام لا يشكل حقيقة، ولا يضيف ولا يعطي لاصحابها وللمطبوع رأياً او مفهوماً يليق بوجودهم، حتى تبقى على احترامها لنفسها ولجمهور تغذى على معطياتها الجادة والعميقة، ومنع استهلاكها في خطابات لا تقرها اساساً فهل تصغي هذه الاسماء المحترمة الى هذا النداء ؟، الامر متروك لها .